اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَصۡحَٰبُ مَدۡيَنَۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰۖ فَأَمۡلَيۡتُ لِلۡكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (44)

فإن قيل : فلم قال : وكذب موسى . ولم يقل : وقوم موسى ؟ فالجواب من وجهين :

الأول : أن موسى ما كذبه قومه بنو إسرائيل ، وإنما كذبه غير قومه وهم القبط .

الثاني : كأنه قيل بعدما ذكر تكذيب كل قوم رسولهم ، وكُذِّب موسى أيضاً مع وضوح آياته وعظم معجزاته فما ظنك بغيره . «فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِيْنَ » أي : أمهلتهم إلى الوقت المعلوم عندي «ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ » عاقبتهم { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي فكيف كان إنكاري عليهم بالعذاب ، وهذا استفهام تقرير ، أي ؛ أليس كان واقعاً قطعاً ، أبدلتهم بالنعمة نقمة ، وبالكثرة قلة ، وبالحياة موتاً ، وبالعمارة خراباً ؟ وأعطيت الأنبياء جميع ما وعدتهم من النصر على أعدائهم والتمكين لهم في الأرض ، فينبغي أن تكون عادتك يا محمد الصبر عليهم ، فإنه تعالى إنما يمهل لمصلحة ، فلا بد من الرضا والتسليم ، وإن شق ذلك على القلب {[31415]} .

والنكير : مصدر بمعنى الإنكار كالنذير بمعنى الإنذار{[31416]} . وأثبت ياء نكيري حيث وقعت ورش في الوصل وحذفها في الوقف ، والباقون بحذفها{[31417]} وصلاً ووقفاً {[31418]} .


[31415]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 23/ 43 – 44.
[31416]:انظر تفسير ابن عطية 10/95، البحر المحيط 6/376.
[31417]:في ب: بحد فهما. وهو تحريف.
[31418]:السبعة (441)، الكشف 2/124، النشر 2/327، الإتحاف 6/3.