محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (67)

{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي ما قدروا عظمته تعالى حق عظمته ، ولا عرفوا جلاله حق معرفته . حيث جعلوا له شركاء ووصفوه بما لا يليق بشؤونه الجليلة . مع أن عظمته وكمال قدرته تتحير فيها الأوهام . فإن تبديل الأرض غير الأرض ، وطيّ السماوات كطيّ السجل ، أهون شيء عليه . وفي ( القبضة واليمين ) مذهبان معروفان . مذهب السلف ، وهو إثبات ذلك من غير تكييف له ولا تشبيه ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير ولا إزالة للفظ الكريم عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل . يجرون على الظاهر ويكلون علمه إليه تعالى ويقرون بأن تأويله ( أي ما يؤول إليه من حقيقته ) لا يعلمه إلا الله . وهكذا قولهم في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ، ووردت بها الأخبار الصحاح .

/ المذهب الثاني - القول بأن ذلك من المجاز المعروف نظيره في كلام العرب . وإن الإطلاق لا ينحصر في الحقيقة . ثم من ذاهب إلى أن المجاز في المفردات ، استعيرت ( القبضة ) للملك أو التصرف و ( اليمين ) للقدرة . وذاهب إلى أنه في المركب ، بتمثيل حال عظمته ونفاذ قدرته ، بحال من يكون له قبضة فيها الأرض ، ويمين بها تطوى السماوات . وهذا ما عول عليه الزمخشري وبسطه أحسن بسط .

ثم أشار إلى أن من عظيم قدرته تعالى ، أنه جعل النفخ في الصور سبب موت الكل تارة ، وحياتهم أخرى ، بقوله : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ } .