محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون 23 } .

{ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون 24 } .

{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي من ترك متابعة الهدى إلى متابعة الهوى . فكأنه يعبده . فجعله إلها تشبيه بليغ أو استعارة . قال القاشانيّ : الإله المعبود ، ولما أطاعوا الهوى فقد عبدوه وجعلوه إلها . إذ كل ما يعبده الإنسان بمحبته وطاعته ، فهو إلهه ولو كان حجرا ! { وأضله الله على علم } ، أي عالما بحاله ، من زوال استعداده ، وانقلاب وجهه ، إلى الجهة السفلية . أو مع كون ذلك العابد للهوى عالما بعلم ما يجب عليه فعله في الدين . على تقدير أن يكون { على علم } حالا من الضمير المفعول في { أضله الله } لا من الفاعل . وحينئذ يكون الإخلال لمخالفته علمه بالعمل ، وتخلف القدم عن النظر ، لتشرب قلبه بمحبة النفس وغلبة الهوى . أو على علم منه غير نافع . لكونه من باب الفضول . ليس فيه إلى الحق سلوك ووصول { وختم على سمعه وقلبه } أي بالطرد عن باب الهدى ، والإبعاد عن محل سماع كلام الحق وفهمه ، لمكان الرّين وغلظ الحجاب ، فلا يعقل منه شيئا { وجعل على بصره غشاوة } أي عن رؤية حجج الله وآياته { فمن يهديه من بعد الله } أي فمن يوفقه لإصابة الحق بعد إضلال الله إياه { أفلا تذكرون }