محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (26)

{ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما 26 } .

{ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية } قال ابن جرير :{[6648]} وذلك حين جعل سهيل بن عمرو في قلبه الحمية ، فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وأن يكتب فيه ( محمد رسول الله ) وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك . والعامل في الظرف إما { لعذبنا } أو { صدوكم } أو ( اذكر ) مقدرا ، فيكون مفعولا به . و ( الحمية ) الأنفة ، وهي الاستكبار والاستنكاف ، مصدر من ( حمي من كذا ) حمية .

وقوله تعالى : { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } عطف على منويّ . أي : فهمّ المسلمون أن يأبوا ذلك ، ويقاتلوا عليه ، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين . يعني : الوقار والتثبت ، حتى صالحوهم على أن يعودوا من قابل ، وعلى ما تقدم .

{ وألزمهم كلمة التقوى } أي اختارها لهم ، فالإلزام مجاز عما ذكر من اختيارها لهم ، وأمرهم بها . { وكانوا أحق بها } قال أبو السعود : أي متصفين بمزيد استحقاق لها . على أن صيغة التفضيل للزيادة مطلقا . وقيل : أحق بها من الكفار . { وأهلها } أي المستأهل لها . { وكان الله بكل شيء عليما } . قال أبو السعود : أي فيعلم حق كل شيء ، فيسوقه إلى مستحقه .


[6648]:انظر الصفحة رقم 103 من الجزء السادس والعشرين)طبعة الحلبي الثاني(.