محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا صُمّٞ وَبُكۡمٞ فِي ٱلظُّلُمَٰتِۗ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضۡلِلۡهُ وَمَن يَشَأۡ يَجۡعَلۡهُ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (39)

[ 39 ] { والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشاء الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } .

{ والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات } أي : مثلهم في جهلهم ، وعدم فهمهم ، وسوء حالهم ، كمثل الصم ( جمع أصم وهو الذي لا يسمع ) والبكم ( جمع أبكم ، وهو الذي لا يتكلم ) . وهم مع ذلك في ظلمات لا يبصرون . فكيف يهتدي مثلهم إلى الطريق ، أو يخرج مما هو فيه ؟ وقد كثر تشبيههم بذلك في التنزيل ، إعلاما ببيان كمال عرافتهم في الجهل ، وانسداد باب الفهم والتفهيم بالكلية .

ثم أشار إلى أنهم من أهل الطبع بقوله ؛ { من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } أي : فهو المتصرف في خلقه بما يشاء ، فمن أحب هدايته ، وفقه بفضله وإحسانه للإيمان . ومن شاء ضلالته تركه على كفره . { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .

ثم أمر تعالى رسوله بأن يبكتهم بما لا سبيل لهم إلى إنكاره ، ببيان أنهم إذا نزلت بهم شدة ، فإنهم يفزعون إليه تعالى ، لا إلى الأصنام ، فقال تعالى :