{ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ( 38 ) } .
{ وما من دابة في الأرض } أي : مستقرة فيها ، لا ترتفع عنها { ولا طائر } يرتفع عنها إذ { يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } أي : أصناف مصنفة في ضبط أحوالها ، وعدم إهمال شيء منها ، وتدبير شؤونها ، وتقدير أرزاقها .
/ { ما فرطنا في الكتاب } أي : ما تركنا ، وما أغفلنا ، في لوح القضاء المحفوظ ، { من شيء } أي : جليل أو دقيق ، فإنه مشتمل على ما يجري في العالم ، لم يهمل فيه أمر شيء : والمعنى : أن الجميع علمهم عند الله ، لا ينسى واحدا منها من رزقه وتدبيره . كقوله : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ، كل في كتاب مبين }{[3420]} أي : مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانها ، وحاصر لحركاتها وسكناتها . { ثم إلى ربهم يحشرون } يعني : الأمم كلها ، من الدواب والطير ، فينصف بعضهم من بعض ، حتى يبلغ من عدله أن يأخذ للجماء من القرناء . وإيراد ضميرها على صيغة جمع العقلاء ، لإجرائها مجراهم .
الأول- قال الزمخشري : إن قلت : فما الغرض في ذكر ذلك ؟ قلت : الدلالة على عظم قدرته ، ولطف علمه ، وسعة سلطانه ، وتدبيره تلك الخلائق المتفاوتة الأجناس ، المتكاثرة الأصناف ، وهو حافظ لما لها وما عليها ، مهيمن على أحوالها ، لا يشغله شأن عن شأن ، وأن المكلفين ليسوا بمخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان .
وقال الرازي : المقصود أن عناية الله لما كانت حاصلة لهذه الحيوانات ، فلو كان إظهار آية ملجئة مصلحة ، لأظهرها ، فيكون كالدليل على أنه تعالى قادر على أن ينزل آية .
وقال القاضي : إنه تعالى لما قدم ذكر الكافر ، وبين أنهم يرجعون إلى الله ويحشرون ، بين بعده بقوله : { وما من دابة . . . } الخ . أن البعث حاصل في حق البهائم أيضا .
الثاني- زيادة { من } في قوله : { وما من دابة في الأرض } لتأكيد الاستغراق . و ( في ) متعلقة بمحذوف هو وصف ل { دابة } مفيد لزيادة التعميم . كأنه قيل : وما فرد من / أفراد الدواب يستقر في قطر من أقطار الأرض . وكذا زيادة الوصف في قوله : { يطير بجناحيه } .
قال في ( الانتصاف ) : في وجه زيادة التعميم ، أن موقع قوله : { في الأرض } و { يطير بجناحيه } موقع الوصف العام – وصف العام عامة- ضرورة المطابقة ، فكأنه مع زيادة الصفة ، تضافرت صفتان عامتان .
الثالث- قال الزمخشري : إن قلت : كيف قيل ( الأمم ) مع إفراد الدابة والطائر ؟ قلت : لما كان قوله تعالى : { وما من دابة في الأرض ولا طائر } دالا على معنى الاستغراق ، ومغنيا عن أن يقال : وما من دواب ولا طير ، حمل قوله : { إلا أمم } على المعنى .
الرابع- دلت الآية على أن كل صنف من البهائم أمة ، وجاء في الحديث : " لولا أن الكلاب أمة من الأمم ، لأمرت بقتلها " - رواه أبو داود{[3421]} والترمذي عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه- .
الخامس- ما ذكرناه في معنى مماثلة الأمم لنا ، من تدبيره تعالى لأمورها ، وتكفله برزقها ، وعدم إغفال شيء منها ، مما يبين شمول القدرة ، وسعة العلم- هو الأظهر . موافقة لقوله تعالى : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . . . } {[3422]} الآية- والقرآن يفسر بعضه بعضا . ونقل الواحدي عن ابن عباس : " أن المماثلة هي في معرفته تعالى ، وتوحيده وتحميده " كقوله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده }{[3423]} ، وقوله : / { كل قد علم صلاته وتسبيحه }{[3424]} .
وعن أبي الدرداء قال : أبهمت عقول البهائم عن كل شيء ، إلا عن أربعة أشياء : معرفة الإله ، وطلب الرزق ، ومعرفة الذكر والأنثى ، وتهيؤ كل واحد منهما لصاحبه " .
وقيل : المماثلة في أنها تحشر يوم القيامة كالناس .
أقول : لا شك في صحة الوجهين بذاتهما ، وصدق المثلية فيهما ، ولكن الحمل عليهما يبعد عدم ملاقاته للآية الأخرى . فالأمس ، تأييدا للنظائر ، ما ذكرناه أولا- والله أعلم- .
السادس- ما بيناه في معنى ( الكتاب ) من أنه اللوح المحفوظ في العرش ، وعالم السماوات المشتمل على جميع أحوال المخلوقات على التفصيل التام – هو الأظهر ، لملاقاته للآية التي ذكرناها تأييدا للنظائر القرآنية . ولم يذكر الإمام ابن كثير سواه ، على توسعه .
وقيل : المراد منه القرآن كقوله تعالى : { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }{[3425]} . قال الخفاجي : قيل : حمله على القرآن لا يلائم ما قبله وما بعده . ويدفع بأن المعنى لم نترك شيئا من الحجج وغيرها إلا ذكرناه ، فكيف يحتاج إلى آية أخرى مما اقترحوه ، ويكذب بآياتنا ؟ فالكلام بعضه آخذ بحجز بعض بلا شبهة .
وقال أبو السعود : أي ما تركنا في القرآن شيئا من الأشياء المهمة التي من جملتها بيان أنه تعالى مراع لمصالح جميع مخلوقاته .
قال الشهاب في قول البيضاوي : ( فإنه قد دون فيه ما يحتاج إليه من أمر الدين مفصلا / أو مجملا ) : يشير إلى أن ما ثبت بالأدلة الثلاثة ثابت بالقرآن ، لإشارته بنحو قوله{[3426]} : { فاعتبروا يا أولي الأبصار } على القياس . وقوله : { وما آتاكم الرسول فخذوه }{[3427]} إلى السنة . بل قيل : إنه بهذه الطريقة يمكن استنباط جميع الأشياء منه ، كما سأل بعض الملحدين بعضهم عن طبخ الحلوى ، أين ذكر في القرآن ؟ فقال : في قوله تعالى{[3428]} { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } انتهى .
واستظهر الرازي أن المراد ( بالكتاب ) القرآن ، واحتج بأن الألف واللام إذا دخلا على الاسم الفرد ، انصرف إلى المعهود السابق ، والمعهود السابق من الكتاب عند المسلمين هو القرآن . فوجب أن يكون المراد من ( الكتاب ) في هذه الآية القرآن . إذا ثبت هذا ، فلقائل أن يقول : كيف قال تعالى : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } مع أنه ليس فيه تفاصيل مذاهب الناس ودلائلهم في علم الأصول والفروع ؟
والجواب : أن قوله : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } يجب أن يكون مخصوصا ببيان الأشياء التي يجب معرفتها ، والإحاطة بها ، وبيانه من وجهين :
الأول- أن لفظ ( التفريط ) لا يستعمل نفيا وإثباتا ، إلا فيما يجب أن يبين ، لأن أحدا لا ينسب إلى التفريط والتقصير في أن لا يفعل ما لا حاجة إليه ، وإنما يذكر هذا اللفظ فيما إذا قصر فيما يحتاج إليه .
الثاني- أن جميع آيات القرآن ، أو الكثير منها ، دالة بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام على أن المقصود من إنزال هذا الكتاب وبيان الدين ، ومعرفة الله ، ومعرفة أحكام الله . وإذا كان هذا التقييد معلوما من كل القرآن ، كان المطلق ههنا محمولا على ذلك المقيد . أما قوله : إن هذا الكتاب غير مشتمل على جميع علوم الأصول والفروع ، فنقول : أما علم الأصول فإنه بتمامه حاصل فيه ، لأن الدلائل الأصلية مذكورة فيه على أبلغ الوجوه . فأما روايات المذاهب ، وتفاصيل الأقاويل ، فلا حاجة إليها . وأما تفاصيل علم الفروع ، فقال العلماء : إن القرآن دل على أن الإجماع ، وخبر الواحد ، والقياس ، حجة في الشريعة . فكل ما دل عليه أحد هذه الأصول الثلاثة ، كان ذلك في الحقيقة موجودا في القرآن .
وذكر الواحدي رحمه الله لهذا المعنى أمثلة ثلاثة :
المثال الأول- روي أن ابن مسعود{[3429]} كان يقول : " مالي لا ألعن من لعنه الله في كتابه ؟ " / يعني : الواشمة والمستوشمة ؛ والواصلة والمستوصلة .
وروى " أن امرأة قرأت جميع القرآن ، ثم أتته ، فقالت : يا ابن أم عبد ! تلوت البارحة ما بين الدفتين ، فلم أجد فيه لعن الواشمة والمستوشمة ! فقال . لو تلوتيه لوجدتيه ، قال الله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه } وإن مما آتانا به رسول الله أنه قال : لعن الله الواشمة والمستوشمة " .
قال الرازي : وأقول : يمكن وجدان هذا المعنى في كتاب الله بطريق أوضح من ذلك ، لأنه تعالى قال في سورة النساء { وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ، لعنه الله }{[3430]} فحكم / عليه باللعن ، ثم عدد بعده قبائح أفعاله ، وذكر من جملتها قوله{[3431]} : { ولأمرنهم فليغيرن خلق الله } . وظاهر هذه الآية يقتضي أن تغيير الخلق يوجب اللعن . انتهى .
قلت : وتتمة الحديث تؤيد ذلك أيضا . ولفظه : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " – رواه الإمام أحمد والشيخان وأصحاب ( السنن ) عن ابن مسعود-{[3432]} .
المثال الثاني- ذكر أن الشافعي رحمه الله كان جالسا في المسجد الحرام فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم فيه من كتاب الله تعالى . فقال رجل : ما تقول في المحرم إذا قتل الزنبور ؟ فقال : لا شيء عليه . فقال : أين هذا في كتاب الله ؟ فقال : قال الله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه } ثم ذكر إسنادا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " . ثم ذكر إسنادا إلى عمر رضي الله عنه أنه قال : " للمحرم قتل الزنبور " . قال الواحدي : فأجابه من كتاب الله مستنبطا بثلاث درجات .
وأقول : ههنا طريق آخر أقرب منه ، وهو أن الأصل في أموال المسلمين العصمة . قال تعالى : { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت }{[3433]} . وقال : { لا يسألكم أموالكم }{[3434]} وقال : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم }{[3435]} فنهى عن أكل أموال الناس إلا بطريق التجارة ، فعند عدم التجارة وجب أن يبقى على أصل الحرمة . وهذه العمومات تقتضي أن لا يجب على المحرم الذي قتل الزنبور شيء ، وذلك لأن التمسك بهذه العمومات يوجب الحكم بمرتبة واحدة .
المثال الثالث- قال الواحدي : روي في حديث العسيف الزاني{[3436]} أن أباه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : اقض بيننا بكتاب الله . فقال عليه السلام : " والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله " . / ثم قضى بالجلد والتغريب على العسيف ، وبالرجم على المرأة إن اعترفت . قال الواحدي : وليس للجلد والتغريب ذكر في نص الكتاب . وهذا يدل على أن كل ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو عين كتاب الله . قال الرازي : وهذا حق ، لأنه تعالى قال : { لتبين للناس ما نزل إليهم } ، وكل ما بينه الرسول عليه الصلاة والسلام كان داخلا تحت هذه الآية . انتهى .
وبالجملة ، فالقرآن الكريم كلية الشريعة ، والمجموع فيه أمور كليات ، لأن الشريعة تمت بتمام نزوله ، فإذا نظرنا إلى رجوع الشريعة إلى كليتها ، وجدناها قد تضمنها القرآن على الكمال . وقد جود البحث في هذه المسألة المهمة ، العلامة الشاطبي في ( الموافقات ) في الطرف الثاني ، في الأدلة على التفصيل . فارجع إليه .
وقد نقلنا شذرة منه في مقدمة هذا التفسير . فتذكر !
السابع- قال أبو البقاء : ( من ) في قوله تعالى : { من شيء } زائدة . و ( شيء ) هنا واقع موقع المصدر . أي : تفريطا . وعلى هذا التأويل لا يبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوي على ذكر كل شيء صريحا . ونظير ذلك : { لا يضركم كيدهم شيئا }{[3437]} . أي : / ضررا . وقد ذكرنا له نظائر . ولا يجوز أن يكون ( شيئا ) مفعولا به ، لأن { فرطنا } تتعدى بنفسها ، بل بحرف الجر ، وقد عديت ب { في } إلى { الكتاب } ، فلا تتعدى بحرف آخر . ولا يصح أن يكون المعنى : ما تركنا في الكتاب من شيء ، لأن المعنى على خلافه ، فبان أن التأويل ما ذكرنا . انتهى .
وقال الخفاجي : التفريط التقصير . وأصله أن يتعدى ب ( في ) وقد ضمن هنا معنى ( أغفلنا وتركنا ) . ف { من شيء } في موضع المفعول به ، و { من } زائدة . والمعنى : ما تركنا في الكتاب شيئا يحتاج إليه من دلائل الألوهية والتكاليف .
هذا ما ارتضاه أبو حيان والزمخشري ، وعدل عنه البيضاوي . لأنه لا يتعدى . فجعل التقدير ( تفريطا ) فحذف المصدر ، وأقيم ( شيئا ) مقامه ، وتبع فيه أبا البقاء ، إذا اختار هذا ، وأورد عليه في ( الملتقط ) أنه ليس كما ذكر ، لأنه إذا تسلط النفي على المصدر ، كان منفيا على جهة العموم ، ويلزمه نفي أنواع المصدر ، ونفي جميع أفراده ، وليس بشيء ، لأنه يريد أن المعنى حينئذ : أن جميع أنواع التفريط منفية عن القرآن ، وهو ما لا شبهة فيه ، ولا يلزمه أن يذكر فيه كل شيء كما لزم على الوجه الآخر ، حتى يحتاج إلى التأويل . كما أن نفي تعديه لا يضر من قال إنه مفعول به على التضمين ، كما مر . وأما ما قيل : إن ( فرط ) يتعدى بنفسه ، لما وقع في ( القاموس ) ( فرط الشيء ، وفرط فيه تفريطا ضيعه وقدم العجز فيه وقصر ) فلا نسلم أنه يتعدى بنفسه . وتفرد صاحب ( القاموس ) بأمر ، لا يسمع في مقابلة الزمخشري وغيره . مع أنه يحتمل أن تعديته المذكورة فيه ليست وضعية ، بل مجازية ، أو بطريق التضمين – انتهى كلام الشهاب- .
أقول : ما للمجد في ( القاموس ، ليس من تفرداته وعندياته ، إذ اللغة مرجعها السماع ، / لا الاجتهاد . وموازنته بين الزمخشري وغيره ، من باب معرفة الحق بالرجال ، الذي الصواب عكسه . على أنه ليس في ( الكشاف ) ما يقتضي ما زعمه . وقد استشهد شارح ( القاموس ) ، الزبيدي شاهدا على تعديته بنفسه ، تأييدا لكلام المجد ، قول صخر الغي{[3438]} :
ذلك بزي فلن أفرطه*** أخاف أن ينجزوا الذي وعدوا
قال ابن سيده : يقول . لا أضيعه ، وقوله : بزي ، أراد سلاحي . ثم قال الزبيدي : وقال أبو عمرو : فرطتك في كذا وكذا ، أي تركتك . وبه فسر أيضا قول صخر . انتهى .
وأنشد أبو السعود قول ساعدة بن جؤية{[3439]} :
وبه يعلم سقوط ما لأبي البقاء ، وسقوط دعوى أن أصله أن يتعدى ب ( في ) ودعوى التضمين السابقة ، وتكلف كون { شيء } واقعا موقع المصدر .
هذا وقرئ { فرطنا } بالتخفيف ، وهو بمعنى المشدد . وإنما توسعنا فيما روي على القول الثاني في معنى الكتاب ، لشهرة الآية في هذا المعنى ، وإن كان الأظهر الأول ، لما ذكرناه ، ولأن السورة مكية ، والأحكام فيها لم تتم – والله أعلم- .
الثامن- دلت الآية على حشر الدواب والبهائم والطير كلها ، أي : بعثها يوم القيامة . كقوله تعالى : { وإذا الوحوش حشرت }{[3440]} .
وروى الإمام أحمد{[3441]} عن أبي ذر أن : " رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين / تنطحان ، فقال : يا أبا ذر ! هل تدري فيم تنتطحان ؟ قال : لا . قال : لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما " . ورواه عبد الرزاق وابن جرير{[3442]} ، وزاد : قال أبو ذر : " ولقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما يتقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما " .
وروى عبد الله ابن الإمام أحمد{[3443]} في ( مسند أبيه ) عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الجماء لتقص من القرناء يوم القيامة " .
وروى عبد الزراق عن أبي هريرة في هذه الآية قال : " يحشر الخلق كلهم يوم القيامة : الدواب والبهائم والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول : كوني ترابا ! فلذلك يقول الكافر : { يا ليتني كنت ترابا } . وقد روي هذا مرفوعا في حديث الصور . أفاده ابن كثير .
قلت : روى الإمام أحمد{[3444]} ، والبخاري في ( الأدب المفرد ) ومسلم{[3445]} والترمذي{[3446]} عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجلحاء ، من الشاة القرناء ، تنطحها " .
/ وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس في الآية قال : " حشرها الموت " . وروي عن مجاهد والضحاك مثله . والأول أظهر .
التاسع- ( في الإكليل ) : استدل بهذه الآية على مسألة أخرى ، أخرجه أبو الشيخ عن أنس أنه سئل : من يقبض أرواح البهائم ؟ قال : ملك الموت . فبلغ الحسن فقال : صدق ! وإن ذلك في كتاب الله . ثم تلا هذه الآية " .