تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

ثم بعد أن بين الله أن الآخرة قريبة ، فيها العذابُ والنعيم ، حثَّ إلى المبادرة إلى فعل الخيرات فقال : { سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ . . . . }

تسابَقوا أيها المؤمنون ، في عملِ الخير ، حتى تنالوا مغفرة من ربكم ، وتدخلوا جنةً سعتُها كسعة السماء والأرض ، هُيئت للذين آمنوا واتقَوا ربهم ، { ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله ذُو الفضل العظيم } فهو واسعُ العطاء عظيم الفضل ، يُعطي من يشاء بغير حساب .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

{ سَابِقُواْ إلى مَغْفِرَةٍ } أي سارعوا مسارعة السابقين لأقرانهم في المضمار إلى أسباب مغفرة عظيمة كائنة { مّن رَّبّكُمْ } والكلام على الاستعارة أو المجاز المرسل واستعمال اللفظ في لازم معناه وإنما لزم ذلك لأن اللازم أن يبادر من يعمل ما يكون سبباً للمغفرة ودخول الجنة لا أن يعمله أو يتصف بذلك سابقاً على آخر ؛ وقيل : المراد سابقوا ملك الموت قبل أن يقطعكم بالموت عن الأعمال الموصلة لما ذكر ؛ وقيل : سابقوا إبليس قبل أن يصدكم بغروره وخداعه عن ذلك وهو كما ترى .

والمراد بتلك الأسباب الأعمال الصالحة على اختلاف أنواعها ، وعن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في الآية : كن أوّل داخل المسجد وآخر خارج ، وقال عبد الله : كونوا في أول صف القتال ، وقال أنس : اشهدوا تكبيرة الإحرام مع الإمام وكل ذلك من باب التمثيل ، واستدل بهذا الأمر على أن الصلاة بأول وقتها أفضل من التأخير { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السماء والأرض } أي كعرضهما جميعاً لو ألصق أحدهما بالآخر وإذا كان العرض وهو أقصر الامتدادين موصوفاً بالسعة دل على سعة الطول بالطريق الأولى فالاقتصار عليه أبلغ من ذكر الطول معه ، وقيل : المراد بالعرض البسطة ولذا وصف به الدعاء ونحوه مما ليس من ذوي الأبعاد وتقدم قول آخر في تفسير نظير الآية من سورة آل عمران وتقديم المغفرة على الجنة لتقدم التخلية على التحلية .

{ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ } أي هيئت لهم ، واستدل بذلك على أن الجنة موجودة الآن لقوله تعالى : { أُعِدَّتْ } بصيغة الماضي والتأويل خلاف الظاهر ، وقد صرح بخلافه في الأحاديث الصحيحة وتمام الكلام في علم الكلام ، وعلى أن الإيمان وحده كاف في استحقاق الجنة لذكره وحده فيما في حيز ما يشعر بعلة الإعداد وإدخال العمل في الإيمان المعدّى بالباء غير مسلم كذا قالوا ، ومتى أريد بالذين آمنوا المذكورين من لهم درجة في الإيمان يعتد بها ، وقيل : بأنها لا تحصل بدون الأعمال الصالحة على ما سمعته منا قريباً انخدش الاستدلال الثاني في الجملة كما لا يخفى ، وذكر النيسابوري في وجه التعبير هنا بسابقوا وفي آية آل عمران بسارعوا وبالسماء هنا ، بالسماوات هناك –وبكعرض- هنا- وبعرض- بدون أداة تشبيه ثمّ كلاماً مبنياً على أن المراد بالمتقين هناك السابقون المقربون ، وبالذين آمنوا هنا من هم دون أولئك حالاً لتأمل { ذلك } أي الذي وعد من المغفرة والجنة { فَضَّلَ الله } عطاؤه الغير الواجب عليه { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء } إيتاءه { والله ذُو الفضل العظيم } فلا يبعد منه عز وجل التفضل بذلك على من يشاء وإن عظم قدره ، فالجملة تذييل لإثبات ما ذيل بها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة ، من التوبة النصوح ، والاستغفار النافع ، والبعد عن الذنوب ومظانها ، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح ، والحرص على ما يرضي الله على الدوام ، من الإحسان في عبادة الخالق ، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع ، ولهذا ذكر الله الأعمال الموجبة لذلك ، فقال : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } والإيمان بالله ورسله{[993]}  يدخل فيه أصول الدين وفروعها ، { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } أي : هذا الذي بيناه لكم ، وذكرنا لكم فيه الطرق الموصلة إلى الجنة ، والطرق الموصلة إلى النار ، وأن فضل الله بالثواب الجزيل والأجر العظيم{[994]}  من أعظم منته على عباده وفضله . { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الذي لا يحصي ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، وفوق ما يثني عليه عباده{[995]} .


[993]:- كذا في ب، وفي أ: ورسوله.
[994]:- في ب: وأن ثواب الله بالأجر الجزيل، والثواب الجميل.
[995]:- في ب: أحد من خلقه.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

قوله تعالى : { سابقوا } سارعوا ، { إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض } لو وصل بعضها ببعض ، { أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } فبين أن أحداً لا يدخل الجنة إلا بفضل الله .