تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

ثم بين الله تعالى أنه مع رسوله الكريم ، فلا يستطيع أحد أن يؤذي ذلك الرسول والله وحده يكفيه كل ما يهمه . إنهم يخوفونك يا محمد بآلهتهم وأصنامهم ، وذلك من ضلالهم وتعاستهم . يقولون لك : أتسبّ آلهتنا ؟ لئن لم تكفّ عنها لنصيبنّك بسوء . لا تخف منهم فإنهم لن يضرّوك أبدا .

قراءات :

قرأ حمزة والكسائي وخلف : { أليس الله بكافٍ عبادَه } بالجمع ، والباقون : { عبده } بالإفراد .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

{ أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ } انكار ونفي لعدم كفايته تعالى على أبلغ وجه كأن الكفاية من التحقق والظهور بحيث لا يقدر أحد على أن يتفوه بعدمها أو يتلعثم في الجواب بوجودها ، والمراد بعبده إما رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي عن السدى وأيد بقوله تعالى : { وَيُخَوّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ } أي الأوثان التي اتخذوها آلهة ؛ فإن الخطاب سواء كانت الجملة استئنافاً أو حالاً له صلى الله عليه وسلم : وقد روي أن قريشاً قالت له عليه الصلاة والسلام : انا نخاف أن تخبلك آلهتنا وتصيبك معرتها لعيبك إياها فنزلت ، وفي رواية قالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منها خبل فنزلت ، أو الجنس المنتظم له عليه الصلاة والسلام انتظاماً أولياً ، وأيد بقراءة أبي جعفر . ومجاهد . وابن وثاب . وطلحة والأعمش . وحمزة . والكسائي { عِبَادِهِ } بالجمع وفسر بالأنبياء عليهم السلام والمؤمنين ، وعلى الأول يراد أيضاً الأتباع كما سمعت في قوله تعالى : { والذي جَاء بالصدق وَصَدَّقَ بِهِ } [ الزمر : 33 ] { وَيُخَوّفُونَكَ } شامل لهم أيضاً على ما سلف والتئام الكلام بقوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ } [ الزمر : 32 ] إلى هذا المقام لدلالته على أنه تعالى يكفي نبيه صلى الله عليه وسلم منهم دينه ودنياه ويكفي أتباعه المؤمنين أيضاً المهمين وفيه أنه سبحانه يكفيهم شر الكافرين من وجهين من طريق المقابلة ومن انه داخل في كفاية مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعه ، وهذا ما تقتضيه البلاغة القرآنية ويلائم ما بني عليه السورة الكريمة من ذكر الفريقين وأحوالهما توكيداً لما أمر به أولاً من العبادة والإخلاص . وقرئ { مِنْ عِبَادِهِ } بالإضافة و { مِنْ عِبَادِهِ } مضارع كافي ونصب { عِبَادِهِ } فاحتمل أن يكون مفاعلة من الكفاية كقولك : يجاري في يجري وهو أبلغ من كفى لبنائه على لفظ المبالغة وهو الظاهر لكثرة تردد هذا المعنى في القرآن نحو { فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله } [ البقرة : 137 ] ويحتمل أن يكون مهموزاً من المكافأة وهي المجازاة ، ووجه الارتباط أنه تعالى لما ذكر حال من كذب على الله وكذب بالصدق وجزاء ، وحال مقابله أعني الذي جاء بالصدق وصدق به وجزاءه وعرض بقوله سبحانه : { ذَلِكَ جَزَاء المحسنين } [ الزمر : 34 ] بأن ما سلف جزاء الكافرين المسيئين لما هو معروف من فائدة البناء على اسم الإشارة ثم عقبه تعالى بقوله عز وجل : { لِيُكَفّرَ } [ الزمر : 35 ] الخ على معنى ليكفر عنهم ويجزيهم خصهم بما خص فنبه على المقابل أيضاً من ضرورة الاختصاص والتعليل ، وفيه أيضاً ما يدل على حكم المقابل على اعتبار المتعلق غير ما ذكر كما يظهر بأدنى التفات أردف بقوله تعالى : { أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ } وحيث أن مطمح النظر من العباد السيد الحبيب صلى الله عليه وسلم كان المعنى الله تعالى يجازي عبده ونبيه عليه الصلاة والسلام هذا الجزاء المذكور وفيه أنه الذي يجزيه البتة ويلائمه قوله تعالى : { وَيُخَوّفُونَكَ } فإنه لما كان في مقابلة ذم آلهتهم كما سمعت في سبب النزول كان تحذيراً من جزاء الآلهة فلا مغمز بعدم الملاءمة . نعم لا ننكر أن معنى الكفاية أبلغ كما هو مقتضى القراءة المشهورة فاعلم ذاك والله تعالى يتولى هداك .

{ وَمَن يُضْلِلِ الله } حتى غفل عن كفايته تعالى عبده وخوف بما لا ينفع ولا يضر أصلاً { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يهديه إلى خير ما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

{ 36 - 37 } { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ }

{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } أي : أليس من كرمه وجوده ، وعنايته بعبده ، الذي قام بعبوديته ، وامتثل أمره واجتنب نهيه ، خصوصا أكمل الخلق عبودية لربه ، وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فإن اللّه تعالى سيكفيه في أمر دينه ودنياه ، ويدفع عنه من ناوأه بسوء .

{ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } من الأصنام والأنداد أن تنالك بسوء ، وهذا من غيهم وضلالهم .