المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

وقوله تعالى : { أليس الله بكاف عبده } تقوية لنفس النبي عليه السلام ، لأن كفار قريش كانت خوفته من الأصنام ، وقالوا يا محمد أنت تسبها ونخاف أن تصيبك بجنون أو علة ، فنزلت الآية في ذلك .

وقرأ حمزة والكسائي : «عباده » يريد الأنبياء المختصين به ، وأنت أحدهم ، فيدخل في ذلك المطيعون من المؤمنين والمتوكلون على الله ، وهذه قراءة أبي جعفر ومجاهد وابن وثاب وطلحة والأعمش . وقرأ الباقون : «عبده » وهو اسم جنس ، وهي قراءة الحسن وشيبة وأهل المدينة ويقوي أن الإشارة إلى محمد عليه السلام قوله : { ويخوفونك } .

وقوله : { من دونه } يريد بالذين يعبدون من دونه ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى كسر العزى ، فقال سادنها{[9898]} : يا خالد ، إني أخاف عليك منها ، فلها قوة لا يقوم لها شيء ، فأخذ خالد الفأس فهشم به وجهها وانصرف{[9899]} .


[9898]:السادن: هو الخادم والقائم على حمايتها.
[9899]:أخرجه ابن حميد، وابن أبي حاتم، وابن جرير، عن قتادة.(الدر المنثور).