الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

{ أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ } أدخلت همزة الإنكار على كلمة النفي ، فأفيد معنى إثبات الكفاية وتقريرها . وقرىء : «بكاف عبده » وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و «بكاف عباده » وهم الأنبياء ؛ وذلك : أنّ قريشاً قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا ، وإنا نخشى عليك معرتها لعيبك إياها . ويروى : أنه بعث خالداً إلى العزّى ليكسرها ، فقال له سادنها : أحذركها يا خالد ، إنّ لها لشدّة لا يقوم لها شيء ، فعمد خالد إليها فهشم أنفها . فقال الله عزّ وجلّ : أليس الله بكاف نبيه أن يعصمه من كل سوى ويدفع عنه كل بلاء في مواطن الخوف . وفي هذا تهكم بهم ؛ لأنّهم خوّفوه ما لا يقدر على نفع ولا ضرّ . أو أليس الله بكاف أنبياءه ولقد قالت أممهم نحو ذلك ، فكفاهم الله وذلك قول قوم هود : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ ءالِهَتِنَا بِسُوء } [ هود : 54 ] ويجوز أن يريد : العبد والعباد على الإطلاق ، لأنه كافيهم في الشدائد وكافل مصالحهم . وقرىء : «بكافي عباده » على الإضافة . و«يكافي عباده » . ويكافي : يحتمل أن يكون غير مهموز مفاعله من الكفاية ، كقولك : يجازي في يجزى ، وهو أبلغ من كفى ، لبنائه على لفظ المبالغة . والمباراة : أن يكون مهموزاً ، من المكافأة وهي المجازاة ، لما تقدم من قوله : ( ويجزيهم أجرهم ) ، { بالذين مِن دُونِهِ } أراد : الأوثان التي اتخذوها آلهة من دونه .