الآية 36 وقوله تعالى : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } وعباده أيضا . الآية يحتجّ بها على إثبات الرسالة ، وكذلك قوله : { فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو } [ التوبة : 129 ] وكذلك قوله : { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ } [ آل عمران : 160 ] ونحو ذلك ، وأمثاله كثيرة وكان يقرع أسماعهم بهذه{[17940]} الآيات التي ذكرنا وغير ذلك من قوله : { ثم كيدون فلا تُنظرون } [ الأعراف : 195 ] ثم لم يقدروا على إهلاكه ، بل عصمه الله من كيدهم ومكرهم على ما قال : { والله يعصمك من الناس } [ المائدة : 67 ] فبلّغ إليهم ما أُمر تبليغه من غير أن قدروا على ما قصدوا به . وفي ذلك لطف من الله عظيم ودلالة على إثبات الرسالة .
ثم قوله عز وجل : { أليس الله بكاف عبده } وإن خُرّج مُخرَج الاستفهام في الظاهر ، فهو في الحقيقة على الإيجاب والتقرير لأنهم كانوا يعلمون أن الله عز وجل هو الكافي لخلقه .
من ذلك أنهم إذا سئلوا من خلق السماوات والأرض ؟ قالوا : الله تعالى ، وإذا سئلوا من يرزقكم ؟ قالوا : الله ، ومن أنزل من السماء ماء ؟ ومن أخرج من الأرض والنبات ؟ قالوا الله .
فعلى ذلك قوله : { أليس الله بكاف عبده } أي تعلمون أن الله هو الكافي جميع خلقه في الدفع والذّب عنهم والنصر لهم . فإذا عرفتم ذلك فكيف تخوّفون رسول الله بالذي تُخوّفونه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } اختُلف فيه :
قال بعضهم : بأهل الأرض جميعا ؛ يقولون له : إن العرب يفعلون{[17941]} بك كذا ، ويعملون بك كذا ، يخوّفونه بهم .
وقال بعضهم : كانوا يخوّفونه بالأصنام التي كانوا يعبدونها أن يصيبه سوء وأذى من ناحيتها كقوله عز وجل : { إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } [ هود : 54 ] وكان هذا أشبه بالآية [ التي ]{[17942]} ذكر على إثر ذلك ، وعقّبه بالأصنام حين{[17943]} قال عز وجل : { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } [ الزمر : 38 ] هذا يدل أن ما ذكر من تخويفهم إياه إنما كان بالأصنام التي كانوا يعبدونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.