فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (36)

قوله : { أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ } قرأ الجمهور : { عبده } بالإفراد . وقرأ حمزة والكسائي : " عباده " بالجمع ، فعلى القراءة الأولى المراد : النبي صلى الله عليه وسلم أو الجنس ، ويدخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم دخولاً أوّلياً ، وعلى القراءة الأخرى المراد : الأنبياء أو المؤمنون أو الجميع ، واختار أبو عبيد قراءة الجمهور ، لقوله عقبه : { ويخوّفونك } ، والاستفهام للإنكار لعدم كفايته سبحانه على أبلغ وجه كأنها بمكان من الظهور لا يتيسر لأحد أن ينكره . وقيل : المراد بالعبد ، والعباد : ما يعمّ المسلم ، والكافر . قال الجرجاني : إن الله كاف عبده المؤمن ، وعبده الكافر هذا بالثواب ، وهذا بالعقاب . وقرئ :( بكافي عباده ) بالإضافة ، وقرئ : " يكافي " بصيغة المضارع ، وقوله : { وَيُخَوّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ } يجوز أن يكون في محل نصب على الحال ، إذ المعنى : أليس كافيك حال تخويفهم إياك ؟ ويجوز أن تكون مستأنفة ، والذين من دونه عبارة عن المعبودات التي يعبدونها .