تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

فإن أطعتُم وآمنتم يغفرْ لكم ذنوبَكم ويمدّ في أعماركم { إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } ووقتٍ محدّد ، إن أمر الله إذا جاء لا يُردّ ولا يؤجَّل { لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ أن اعبدوا الله واتقوه واطيعون . يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم . وقيل : يعني ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان ، وذلك بعض ذنوبهم ، { ويؤخركم إلى أجل مسمى } أي : بما فيكم إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم ، { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون } يقول : آمنوا قبل الموت ، تسلموا من العذاب ، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

" يغفر لكم من ذنوبكم " جزم " يغفر " بجواب الأمر . و " من " صلة زائدة . ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم ، قاله السدي . وقيل : لا يصح كونها زائدة ؛ لأن " من " لا تزاد في الواجب ، وإنما هي هنا للتبعيض ، وهو بعض الذنوب ، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين . وقيل : هي لبيان الجنس . وفيه بعد ، إذ لم يتقدم جنس يليق به . وقال زيد بن أسلم : المعنى يخرجكم من ذنوبكم . ابن شجرة : المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها " ويؤخركم إلى أجل مسمى " قال ابن عباس : أي ينسئ في أعماركم . ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم ، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب . وقال مقاتل : يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية ، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره . فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات ( الشدائد إلى آجالكم . وقال : الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب . وعلى هذا قيل : " أجل مسمى " عندكم تعرفونه ، لا يميتكم غرقا ولا حرقا ولا قتلا ، ذكره الفراء . وعلى القول الأول " أجل مسمى " عند الله . " إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر " أي إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب . وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته . وقد يضاف إلى القوم ، كقوله تعالى : " فإذا جاء أجلهم " [ النحل : 61 ] لأنه مضروب لهم . " لو " بمعنى " إن " أي إن كنتم تعلمون . وقال الحسن : معناه لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاءكم لم يؤخر .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ يغفر لكم من ذنوبكم } { من } هنا للتبعيض أي : يغفر لكم ما فعلتم من الذنوب قبل أن تسلموا لأن الإسلام يجب ما قبله ولم يضمن أن يغفر لهم ما بعد إسلامهم ، لأن ذلك في مشيئة الله تعالى ، وقيل : إن { من } هنا زائدة وذلك باطل لأن من لا تزاد عند سيبويه إلا في غير الواجب ، وقيل : هي لبيان الجنس ، وقيل : لابتداء الغاية وهذان القولان ضعيفان في المعنى والأول هو الصحيح لأن التبعيض فيه متجه .

{ ويؤخركم إلى أجل مسمى } ظاهر هذا يقتضي أنهم إن فعلوا ما أمروا به أخروا إلى أجل مسمى وإن لم يفعلوا لم يؤخروا وذلك يقتضي القول بالأجلين وهو مذهب المعتزلة وعلى هذا حملها الزمخشري ، وأما على مذهب أهل السنة فهي من المشكلات وتأولها ابن عطية فقال : ليس للمعتزلة في الآية مجال لأن المعنى أن نوحا عليه الصلاة والسلام لم يعلم هل هم ممن يؤخر أو ممن يعاجل ولا قال لهم إنكم تؤخرون عن أجل قد حان لكن قد سبق في الأزل إما ممن قضى له بالإيمان والتأخير أو ممن قضى له بالكفر والمعاجلة وكان نوحا عليه السلام قال لهم : آمنوا يظهر في الوجود أنكم ممن قضى له بالإيمان والتأخير وإن بقيتم على كفركم يظهر في الوجود أنكم ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة فكان الاحتمال الذي يقتضيه ظاهر الآية إنما هو فيما يبرزه الغيب من حالهم إذ يمكن أن يبرز إما الإيمان والتأخير وإما الكفر والمعاجلة وأما عند الله فالحال الذي يكون منهم معلوم مقدر محتوم وأجلهم كذلك معلوم مقدر محتوم .

{ إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر } هذا يقتضي أن الأجل محتوم كما قال تعالى : { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [ الأعراف : 34 ] وفي هذا حجة لأهل السنة وتقوية للتأويل الذي ذكرنا وفيه أيضا رد على المعتزلة في قولهم بالأجلين ولما كان كذلك قال الزمخشري : إن ظاهر هذا مناقض لما قبله من الوعد بالتأخير إن آمنوا وتأول ذلك على مقتضى مذهبه بأن الأجل الذي لا يؤخر هو الأجل الثاني وذلك أن قوم نوح قضى الله أنهم إن آمنوا عمرهم الله مثلا ألف عام وإن لم يؤمنوا عمرهم تسعمائة عام فالألف عام هي التي تؤخر إذا جاءت والتسعمائة عام هي التي وعدوا بالتأخير عنها إلى الألف عام إن آمنوا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

ولما كان الإنسان محل النقصان ، فلا ينفك عن ذنب فلا{[68608]} ينفعه إلا فناء الكرم ، أشار إلى ذلك مرغباً مستعطفاً لهم لئلا ييأسوا فيهلكوا بقوله جواباً للأمر : { يغفر لكم } أي كرماً منه{[68609]} وإحساناً ولطفاً{[68610]} .

ولما كان من الذنوب ما لا يتحتم غفرانه وهو ما بعد الإسلام قال{[68611]} : { من ذنوبكم } أي ما تقدم الإيمان من الشرك والعصيان وما تأخر عن الإيمان من الصغائر التي تفضل الله بالوعد بتكفيرها باجتناب الكبائر - هذا مما{[68612]} أوجبه سبحانه على نفسه المقدس بالوعد الذي لا يبدل ، وأما غيره مما عدا الشرك فإلى مشيئته سبحانه .

ولما كان الإنسان ، لما يغلب عليه من النسيان ، والاشتغال بالآمال ، يعرض عن الموت إعراض الشاك فيه بل المكذب به{[68613]} ذكرهم ترهيباً لهم لطفاً بهم ليستحضروا أنهم في القبضة فينزعوا مما يغضبه سبحانه ، فقال مشيراً إلى أن طول العمر في المعصية - وإن كان مع رغد العيش - عدم ، مهدداً{[68614]} بأنه قادر على الإهلاك في كل حين : { ويؤخركم } أي تأخيراً ينفعكم ، واعلم أن الأمور كلها قد قدرت{[68615]} وفرغ من ضبطها لإحاطة العلم والقدرة فلا يزاد فيها ولا ينقص ، ليعلم أن الإرسال إنما هو مظهر لما في الكيان{[68616]} ولا يظن أنه قالب للأعيان بتغيير ما سبق به القضاء من الطاعة أو{[68617]} العصيان فقال : { إلى أجل مسمى } أي قد سماه{[68618]} الله وعلمه{[68619]} قبل إيجادكم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه ، فيكون موتكم على العادة{[68620]} متفرقاً وإلا أخذكم جميعاً بعذاب الاستئصال ، فهذا من علم ما لا يكون لو كان كيف [ كان-{[68621]} ] يكون ، و{[68622]}ذلك أنه علم أنهم إن أطاعوا نوحاً عليه السلام كان موتهم على العادة وإلا هلكوا هلاك نفس واحدة ، وعلم أنهم لا يطيعونه ، وأن موتهم إنما يكون بعذاب{[68623]} الاستئصال .

ولما كان الإنسان مجبولاً على الأطماع الفارغة ، فكان ربما قال للتعنت أو غيره : لم لا يخلدنا ؟ قال فطماً عن ذلك مؤكداً لاقتضاء المقام له : { إن أجل الله } أي{[68624]} الذي له الكمال كله فلا راد لأمره { إذا جاء لا يؤخر } وأما قبل مجيئه فربما يقع الدعاء و{[68625]}الطاعات والبر في البركة فيه يمنع الشواغل وإطابة الحياة ، فبادروا مجيء{[68626]} الأجل بالإيمان لأنه إذا جاء لم يمكنكم التدارك ، ولا ينفعكم بعد العيان الإيمان .

ولما كان من يعلم هذا يقيناً ، ويعلم أنه إذا{[68627]} كشف له عند الغرغرة أحب أن يؤخر ليتوب حين لا تأخير ، أحسن العمل خوفاً من فوات وقته وتحتم مقته ، نبه على ذلك بقوله : { لو كنتم تعلمون * } أي لو كان العلم أو تجدده وقتاً ما في غرائزكم لعلمتم تنبيه رسولكم صلى الله عليه وسلم أن الله يفعل ما يشاء ، وأن الأجل آت{[68628]} لا محالة فعملتم للنجاة ، ولكنكم تعملون{[68629]} في الانهماك في الشهوات عمل الشاك في الموت .


[68608]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا.
[68609]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68610]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68611]:- زيد من ظ وم.
[68612]:- من ظ وم، وفي الأصل: ما.
[68613]:- زيد من ظ وم.
[68614]:- من ظ وم، وفي الأصل: مهدد.
[68615]:- من ظ وم، وفي الأصل: تقدرت.
[68616]:- من ظ وم، وفي الأصل: العيان.
[68617]:- من م، وفي الأصل وظ: "و".
[68618]:- من ظ وم، وفي الأصل: سمى.
[68619]:- زيد من ظ وم.
[68620]:- من ظ وم، وفي الأصل: عادة.
[68621]:- زيد من ظ وم.
[68622]:- زيد من ظ وم.
[68623]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعد.
[68624]:- زيد من ظ وم.
[68625]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[68626]:- من ظ وم، وفي الأصل: محل.
[68627]:- زيد من ظ وم.
[68628]:- زيد من ظ وم.
[68629]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعلمون.