تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

ثم ذكر حالَ طائفة من الناس دون سابقيهم ، وهم من تكون عبادتُهم لله رهنَ إصابتهم من الدنيا . . . فإن آتاهم ربهم منها رَضُوا وفرحوا ، وإذا مُنعِوا سَخِطوا وقنِطوا ، فقال :

{ وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ }

فلو أنهم آمنوا إيمانا صادقاً لسلَّموا أمرهم الى الله واستراحوا . وفي الحديث الصحيح :

«عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاءً إلا كان خيراً له ، فإن أصابته سراء شكرَ فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له »

قراءات :

قرأ الكسائي وأبو عمرو : { يقنِطون } بكسر النون ، والباقون بضمها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

قوله تعالى : { وإذا أذقنا الناس رحمة } أي : الخصب وكثرة المطر ، { فرحوا بها } يعني فرح البطر ، { وإن تصبهم سيئة } أي : الجدب وقلة المطر ، ويقال : الخوف والبلاء { بما قدمت أيديهم } من السيئات ، { إذا هم يقنطون } ييأسون من رحمة الله ، وهذا خلاف وصف المؤمن ، فإنه يشكر الله عند النعمة ، ويرجو ربه عند الشدة .

قوله تعالى : { أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

قوله تعالى : " وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها " يعني الخصب والسعة والعافية . قاله يحيى ابن سلام . النقاش : النعمة والمطر . وقيل : الأمن والدعة . والمعنى متقارب . " فرحوا بها " أي بالرحمة . " وإن تصبهم سيئة " أي بلاء وعقوبة . قاله مجاهد . السدي : قحط المطر . " بما قدمت أيديهم " أي بما عملوا من المعاصي . " إذا هم يقنطون " أي ييأسون من الرحمة والفرج{[12509]} ؛ قاله الجمهور . وقال الحسن : إن القنوط ترك فرائض الله سبحانه وتعالى في السر . قنط يقنط ، وهي قراءة العامة . وقنط يقنط ، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ويعقوب . وقرأ الأعمش : قنِط{[12510]} يقنَط [ الحجر : 56 ] بالكسر فيهما ، مثل حسب يحسب . والآية صفة للكافر ، يقنط عند الشدة ، ويبطر عند النعمة ، كما قيل :

كحمار السَّوْءِ إن أعلفته *** رمَحَ الناس وإن جاعَ نَهَقْ

وكثير ممن لم يرسخ الإيمان في قلبه بهذه المثابة ، وقد مضى في غير موضع . فأما المؤمن فيشكر ربه عند النعمة ، ويرجوه عند الشدة .


[12509]:في ك، ش: "الفرح" بالحاء.
[12510]:راجع ج 10 ص 35.