اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

قوله : { وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً } أي الخِصْب وكَثْرة المطر{[42072]} «فَرِحُوا بِهَا » يعني فرح البطر لما بين حال الشرك الظاهر شركه ، بين حال الشرك الذي دونه وهو من تكون عبادته للدنيا ، فإذا أعطاه رَضِيَ ، وإِذا منعه سَخِطَ وقَنَطَ ، ولا ينبغي أن يكون كذلك بل ينبغي أن يعبد الله في الشدة والرخاء .

فإن قيل : الفرح بالرحمة مأمور به قال : { قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] وهَهُنَا ذمهم على الفرح بالرحمة .

فالجواب : هناك قال افْرَحُوا برحمة الله من حيث إنها مضافة إلى الله ، وهَهُنَا فرحوا بنفس الرحمة حتى لو كان المطر من غير الله لكان فرحهم به مِثْلَ فرحهم إذا كان مِنَ الله{[42073]} .

قوله : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي الجَدْبُ وقلَّةُ المَطَر{[42074]} ، وقيل : الخوف{[42075]} والبَلاَء { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من السيئات { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } يَيأَسُوا من رحمة الله{[42076]} ، وهذا خلاف وصف المؤمنين فإنهم يشركونه عند النعمة ، ويرجُونَه عند الشدةِ .


[42072]:قاله يحيى بن سلام والنقاش، انظر: القرطبي 14/34.
[42073]:انظر: تفسير الفخر الرازي 25/123.
[42074]:قاله السدي القرطبي 14/34.
[42075]:قاله مجاهد المرجع السابق.
[42076]:المرجع السابق.