محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً } أي نعمة من صحة وسعة { فَرِحُوا بِهَا } أي بطرا وفخرا ، لا حمدا وشكرا { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي شدة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي من المعاصي والآثام { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي ييأسون من روح الله . قال : هذا إنكار على الإنسان من حيث هو ، إلا من عصمه الله تعالى ووفقه . فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر وقال {[6071]} : { ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور } أي يفرح في نفسه ، يفخر على غيره . وإذا أصابته شدة وقنط وأيس أن يحصل بعد ذلك خير بالكلية . قال الله تعالى {[6072]} : { إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات } أي : صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء . كما ثبت في ( الصحيح ) {[6073]} : ( عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له . إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له . وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له ) .


[6071]:(11 هود 10).
[6072]:(11 هود 11).
[6073]:أخرجه مسلم في: 53 – كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم 64 (طبعتنا).