فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

{ وإذا أذقنا الناس } أي كفار مكة وغيرهم { رحمة } أي خصبا ومطرا ؛ ونعمة وسعة وصحة وعافية { فرحوا بها } فرح بطر وأشر ، لا فرح شكر بها وابتهاج بوصولها إليهم ، كما دل عليه قوله : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } ثم قال سبحانه :

{ وإن تصيبهم سيئة } أي بلاء من جدب ، أو ضيق ، أو مرض أو شدة على أي صفة { بما قدمت أيديهم } أي بسبب شؤم ذنوبهم { إذا هم يقنطون } القنوط الإياس من الرحمة ، كذا قال الجمهور ؛ وقال الحسن : القنوط ترك فرائض الله سبحانه ؛ وقرئ يقنطون بفتح النون وبكسرها ؛ وهما سبعيتان ، وبابه ضرب وتعب ؛ والمعنى إذا هم ييأسون ، وهذا خلاف وصف المؤمنين ؛ فإن من شأنهم أن يشكروا عند النعمة ؛ ويرجوا ربهم عند الشدة أو يقال : الدعاء اللساني بناء على مجرد العادة لا ينافي القنوط القلبي ، وقد يشاهد مثل ذلك في كثير من الناس ، فلا يخالف هذا قوله : { دعوا ربهم منيبين إليه } أو المراد يفعلون فعل القانطين ، كالاهتمام بجمع الذخائر أيام الغلاء ، قاله الكرخي .