البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

{ وإذا أذقنا الناس رحمة } : أي نعمة ، من مطر ، أو سعة ، أو صحة .

{ وإن تصبهم سيئة } : أي بلاء ، من حدث ، أو ضيق ، أو مرض .

{ بما قدمت أيديهم من } المعاصي .

{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ففي إصابة الرحمة فرحوا وذهلوا عن شكر من أسداها إليهم ، وفي إصابة البلاء قنطوا ويئسوا وذهلوا عن الصبر ، ونسوا ما أنعم به عليهم قبل إصابة البلاء .

و { إذا هم } جواب : { وإن تصبهم } ، يقوم مقام الفاء في الجملة الاسمية الواقعة جواباً للشرط .

وحين ذكر إذاقة الرحمة ، لم يذكر سببها ، وهو زيادة الإحسان والتفضل .

وحين ذكر إصابة السيئة ، ذكر سببها ، وهو العصيان ، ليتحقق بدله .