فيقول الله عز وجل لقرينه :{ ألقيا في جهنم } هو خطاب للواحد بلفظ التثنية على عادة العرب ، يقولون : ويلك أرحلاها وازجراها وخذاها وأطلقاها ، للواحد . قال الفراء : وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه وسفره اثنان ، فجرى كلام الواحد على صاحبه ، ومنه قولهم في الشعر للواحد : خليلي . وقال الزجاج : هذا أمر للسائق والشهيد ، وقيل : للمتلقين . { كل كفار عنيد } عاص معرض عن الحق . قال عكرمة ومجاهد : مجانب للحق معاند لله .
{ ألقيا في جهنم } الخطاب للملكين السائق والشهيد ، وقيل : إنه خطاب لواحد على أن يكون بالنون المؤكدة الخفيفة ، ثم أبدل منها ألف أو على أن يكون معناه : ألق ألق مثنى مبالغة وتأكيدا أو على أن يكون على عادة العرب من مخاطبة الاثنين كقولهم خليلي وصاحبي وهذا كله تكلف بعيد ، ومما يدل على أن الخطاب لاثنين قوله : { فألقياه في العذاب الشديد } .
ولما كانت العادة جارية بأن من أحضر إليه شيء تبادر إلى أمهر بقوله أو فعل ، وصل بذلك ما هو نتيجته ، وبدأ بالعاصي لأن المقام له ، فقال ما يدل على أنه لا وزن له ، فلا وقفة في عذابه بحسابه ولا غيره ، مؤكداً خطاباً للمؤكد بالإلقاء أو خطاباً للسائق والشهيد ، أو السائق وحده مثنياً لضميره تثنية للأمر كأنه قال : ألق ألق - تأكيداً له وتهويلاً : { ألقيا } أي اطرحا دفعاً من غير شفقة ، وقيل : بل هو تثنية وأصل ذلك أن الرفقة أدنى ما يكون ثلاثة ، فجرى كلام الواحد على صاحبه ، ألا ترى أن الشعراء أكثر شيء قيلاً : يا صاحبيّ يا خليليّ ، والسر فيه إذا كان المخاطب{[61193]} واحداً إفهامه أنه يراد منه الفعل بجد عظيم تكون قوته فيه معادلة لقوة اثنين { في جهنم } أي النار التي تلقى الملقى{[61194]} فيها بما كان يعامل به عباد الله من الكبر والعبوسة والتكره والتعصب . ولما كان المقصود تعليل إلقائه بوصف يعم غيره ليكون لطفاً لمن أراد الله عصمته ممن سمع هذا المقال وحجة على من أراد الله{[61195]} إهانته : { كل كفار عنيد{[61196]} * } أي مبالغ في ستر الحق{[61197]} والمعاداة لأهله {[61198]}من غير{[61199]} حجة حمية وأنفة نظراً إلى استحسان ما عنده والثبات عليه تجبراً وتكبراً على ما عند غيره ازدراء له كائناً من{[61200]} كان
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.