الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ} (24)

وقوله سبحانه : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } المعنى : يقال : أَلْقِيَا في جهنَّمَ ، واخْتُلِفَ لمن يُقَالُ ذلك ، فقال جماعة : هو قول لِمَلَكَيْنِ من ملائكة العذاب .

وقال عبد الرحمن بن زيد : هو قول للسائق والشهيد .

وقال جماعة من أهل العلم باللغة : هذا جارٍ على عادة كلام العرب الفصيح أنْ يُخَاطَبَ الواحدُ بلفظ الاثنين ؛ وذلك أَنَّ العربَ كان الغالبُ عندها أنْ يترافق في الأسفار ونحوها ثَلاَثَةٌ ، فَكُلُّ واحد منهم يخاطِبُ اثنين ، فَكَثُرَ ذلك في أشعارها وكلامها ، حَتَّى صار عُرْفاً في المخاطبة ، فاسْتُعْمِلَ في الواحد ، ومن هذا قولهم في الأشعار :

خَلِيلَيَّ وصَاحِبَيَّ وقِفَا نَبْكِ ونحوه ***

وقال بعض المتأولين : المراد «أَلْقِيَنْ » ، فَعُوِّضَ من النون ألفٌ ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «أَلْقِياً » بتنوين الياء ، و«عنيد » معناه : عَانِدٌ عن الحق ، أي : مُنْحَرِفٌ عنه .