بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ} (24)

{ أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ } يعني : يقول للملكين ألقيا في جهنم { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } وقال بعضهم هذا أمر للملك الواحد بلفظ الاثنين ، وقال الفراء : يرى أصل هذا أن الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة نفر ، فجرى كلام الواحد على صاحبيه ، ألا ترى أن الشعراء أكثر شيء : قيلاً يا صاحبي ، ويا خليلي ، قال الشاعر : فقلت لصاحبي لا تحبساني ، وأدنى ما يكون الأمر والنهي في الإعراب اثنان ، فجرى كلامهم على ذلك ومثل هذا قول امرئ القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

ويقال : أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ، على معنى تكرير الأمر ، يعني : ألق ألق ، وهو على معنى التأكيد ، وكذلك في قوله : قفا ، معناه قف قف .

وقال الزجاج : عندي أن قوله أَلْقِيَا أَمر للملكين ، وقال بعضهم : الأمر للواحد بلفظ الاثنين واقع في إطلاق العرب ، وكان الحجاج يقول : يا حرسي اضربا عنقه { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } ، يعني : كل جاحد بتوحيد الله تعالى معرض عن الإيمان ، وقال مقاتل : يعني الوليد بن المغيرة . ويقال هذا في جميع الكفار الذين ذكر صفتهم في هذه الآية .