معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ} (24)

[ 182/ا ] وقوله : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } .

العرب تأمر الواحد والقوم بما يؤمر به الاثنان ، فيقولون للرجل : قوما عنا ، وسمعت بعضهم : ويحك ! ارحلاها وازجراها ، وأنشدني بعضهم :

فقلت لصاحبي لا تحبسانا *** بنزع أصوله ، واجتزَّ شيحا

قال : ويروى : واجدزّ يريد : واجتز ، قال : وأنشدني أبو ثروان :

وإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر *** وإن تدعاني أَحْمِ عرضاً ممنَّعاً

ونرى أن ذلك منهم أن الرجل أدنى أعوانه في إبله وغنمه اثنان ، وكذلك الرَّفقة ، أدنى ما يكونون ثلاثة ، فجرى كلام الواحد على صاحبيه ، ألا ترى الشعراء أكثر شيء ، قيلا : يا صاحبيّ ، يا خليلي ، فقال امرؤ القيس :

خليليّ ، مرّا بِي على أم جندب *** نُقضِّي لُبانات الفؤاد المعذب

ثم قال :

ألَمْ تَرَ أني كلما جئت طارقا *** وجدت بها طيبا وإن لم تطيب

فقال : ألم تر ، فرجع إلى الواحد ، وأول كلامه اثنان ، قال : وأنشدني آخر :

خليليّ قوما في عَطالة فانظرا *** أناراً ترى من نحو بابَيْن أو برقا

وبعضهم : أنارا نرى .