الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ} (24)

فيقول الله سبحانه لقرينه : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } قال الخليل ، والأخفش : هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين ، وهو جيد حسن ، فيقول : ويلك أرحلاها ، وازجراها ، وخذاه واطلقاه للواحد . قال الفراء : وأصل ذلك إذا دنا أعوان الرجل في إبله ، وغنمه ، وبقره ، اثنان ، فجرى كلام الواحد على صاحبيه ، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليلي ( ثم يقول : يا صاح ) . قال امرؤ القيس :

خليلي مُرّا بي على أُمّ جندب *** نقض لبانات الفؤاد المعذّب

وقال :قِفا نبك عن ذكرى حبيب ومنزل

وقال : قفا نبك من ذكرى حبيب وعروان .

قال الآخر :

فقلت لصاحبي لا تعجلانا *** بنزع أصوله واجتز شيحا

وأنشد أبو ثروان :

فإن تزجرني يابن عفان أنزجر *** وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا

وقيل : يشبه أن يكون عني به تكرار القول فيه ، فكأنّه يقول : إلق إلق ، فناب ألقيا مناب التكرار ، ويجوز أن تكون ألقيا تثنية على الحقيقة ، ويكون الخطاب للمتلقيين معاً أو السائق والشاهد جميعاً ، وقرأ الحسن ( ألقينْ ) بنون التأكيد الخفيفة ، كقوله :

{ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصَّاغِرِينَ } [ يوسف : 32 ] { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } عاص معرض عن الحقّ ، قال مجاهد وعكرمة : مجانب للحقّ معاند لله .