فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ} (24)

{ ألقيا في جهنم } هذا خطاب من الله عز وجل للسائق والشهيد ، قال الزجاج : هذا أمر للملكين الموكلين به ، وقيل : هو خطاب للملكين من خزنة النار وقيل هو خطاب لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره . وقال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين يقولون أرحلاها وازجراها وخذاها وأطلقاه للواحد ، قال الفراء : العرب تقول للواحد قوما عنا ، وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان . فجرى كلام الرجل للواحد على ذلك ومنه قولهم في الشعر خليلي ، قال المازني : قوله { ألقيا } يدل على ألق ألق ، قال المبرد : هي تثنية على التوكيد ، فناب ألقيا مناب ألق ألق ، أو الألف ليست للتثنية لا حقيقة ولا صورة بل هي منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة على حد قوله :

وأبدلها بعد فتح ألفا وقفا كما تقول في قفن قفا

وأجرى الوصل مجرى الوقف كنسفعا ، ويؤيده قراءة الحسن في الشواذ ألقين بنون التوكيد الخفيفة ، ولم يقرأ بهذه القراءة أحد من السبعة وقال الكرخي : الخطاب للملكين السائق والشهيد ، على ما عليه الأكثر وهو الظاهر .

{ كل كفار } للنعم { عنيد } مجانب للإيمان ؛ معاند لأهله : قال مجاهد وعكرمة : العنيد المعاند للحق ، وقيل : المعرض عن الحق يقال عند يعند بالكسر عنود إذا خالف الحق ورده ، وهو يعرفه