تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

توبة نصوحا : توبة خالصة .

ثم أمر المؤمنين أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه بإخلاص ، عسى الله أن يمحُوَ عنهم سيئاتِهم ويدخلَهم جناتٍ تجري من تحتِ قصورها وأشجارِها الأنهار . وفي ذلك اليوم يرفعُ الله شأنَ النبيّ والذين آمنوا معه ، نورُهم يسعى بين أيدِيهم حينَ يمشون ، وبأيمانِهم حين الحساب . . . حيث يتناولون كُتبَهم بأيمانهم وفيه نورٌ وخير لهم .

ويسألون ربّهم بقولهم :

{ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا واغفر لَنَآ إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . اللهم أجبْ دعاءنا ولا تخيّب رجاءنا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله" تُوبُوا إلى اللّهِ "يقول: ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله، وإلى ما يرضيه عنكم، "تَوْبَةً نَصُوحا" يقول: رجوعا لا تعودون فيها أبدا... وقوله: "عَسَى رَبّكُمْ أن يُكَفّرَ عَنْكُمْ سَيّآتِكُمْ" يقول: عسى ربكم أيها المؤمنون أن يمحو سيئات أعمالكم التي سلفت منكم "وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تجري مِنْ تَحْتِها الأنْهارُ" يقول: وأن يدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار "يَوْمَ لا يخْزِي اللّهُ النّبِيّ" محمدا صلى الله عليه وسلم "وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَينَ أيْدِيهِمْ" يقول: يسعى نورهم أمامهم "وبأيمَانِهِمْ" يقول: وبأيمانهم كتابهم... "يَقُولُونَ رَبّنا أتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِر لَنا" يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل المؤمنين يوم القيامة: يقولون ربنا أتمم لنا نورنا، يسألون ربهم أن يبقي لهم نورهم، فلا يطفئه حتى يجوزوا الصراط، وذلك حين يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا "انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ"...

وقوله: "وَاغْفِرْ لَنا" يقول: واستر علينا ذنوبنا، ولا تفضحنا بها بعقوبتك إيانا عليها "إنّكَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" يقول: إنك على إتمام نورنا لنا، وغفران ذنوبنا، وغير ذلك من الأشياء ذو قدرة...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

في هذه الآية إلزام التوبة على بقاء اسم الإيمان، لأنه ألزمهم التوبة بعد أن سماهم مؤمنين. وأخبر أنه يكفر عنهم سيئاتهم بالتوبة...

وقوله تعالى: {عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم} بالتوبة. ففي هذا إبانة أن من السيئات سيئات لا تكفر إلا بالتوبة، ومنها ما يكفر باجتناب الكبائر بقوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31]...

وقوله تعالى: {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} أي {بين أيديهم} إذا مشوا {وبأيمانهم} عند الحساب، لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم، وفيه نور وخير، أو يسعى النور {بين أيديهم} في موضع وضع الأقدام {وبأيمانهم} لأن ذلك طريقهم، وشمالهم طريق الكفرة.

وقوله تعالى: {يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} فجائز أن يقولوا هذا عند انطفاء نور المنافقين، فيخافون انقطاع ذلك النور عنهم أيضا، أو يقولوا هذا عند ضعف النور، فيسألونه الإتمام، والله أعلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

التوبة النصوح هي التي يناصح فيها الإنسان نفسه بإخلاص الندم مع العزم على ألا يعود إلى مثله في القبح...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(يوم لا يخزي الله النبي) أي: لا يهينه ولا يفضحه، وهو إشارة إلى كرامة في الآخرة؛ يعني: يكرمه ويشرفه في ذلك اليوم، ولا يهينه، ولا يذله...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{تَوْبَةً نَّصُوحاً} وصفت التوبة بالنصح على الإسناد المجازي؛ والنصح: صفة التائبين، وهو أن ينصحوا بالتوبة أنفسهم، فيأتوا بها على طريقها متداركة للفرطات ماحية للسيئات،... وقيل: خالصة...

{عسى رَبُّكُمْ} إطماع من الله لعباده، وفيه وجهان،... والثاني: أن يجيء به تعليماً للعباد وجوب الترجح بين الخوف والرجاء... {يَوْمَ لاَ يُخْزِى الله}:.. تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر والفسوق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

تاب معناه: رجع، فتوبة العبد: رجوعه من المعصية إلى الطاعة، وتوبة الله تعالى على العبد إظهار صلاحه ونعمته عليه في الهداية إلى الطاعة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يا أيها الذين آمنوا} ناداهم بما هو أليق بهم من أداة البعد {توبوا} أي ارجعوا رجوعاً تاماً {إلى الله} أي الملك الذي لا كفوء له. ولما كان كل فعول بمعنى فاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث قال: {توبة نصوحاً} أي بالغة في كونها ناصحة عن الإسناد المجازي أي منصوحاً فيها بالإخلاص في الأزمان الثلاثة، الماضي بالندم، والحال بالإقلاع. والمستقبل بالعزم على عدم العود إلى الذنب...

{عسى ربكم} أي افعلوا ذلك ليكون المحسن إليكم بهذا البيان جديراً أو حقيقاً {أن يكفر} أي يغطي تغطية عظيمة {عنكم} أي بالتوبة، وإذا كان التائب على خطر فما ظنك بالمصر على ذنوبه {سيئاتكم} أي ما بدا منكم ما يسوءه. ولما ذكر نفع التوبة في دفع المضار، ذكر نفعها في جلب المسار فقال: {ويدخلكم} أي يوم الفصل {جنات} أي بساتين كثيرة الأشجار تستر داخلها لأنها {تجري}. ولما كان ذلك الجري في بعض أرضها قال معبراً بأداة التبعيض: {من تحتها} أي تحت غرفها وأشجارها {الأنهار} فهي لا تزال ريا...

{يوم لا يخزي الله} أي الملك الأعظم الذي له الإحاطة بالكمال {النبي} أي الرجل الذي ينبئه الله بما يوجب له الرفعة التامة من الأخبار التي هي في غاية العظمة {والذين} أي ولا يخزي الذين {آمنوا معه} وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم إن كان المراد المعية في مطلق الزمان، وسابقوهم إن كان المراد في الوصف أو زمان مخصوص...

. {نورهم يسعى} أي سعياً مستمر التجدد، وعلى التفسير الآخر تكون هذه الجملة حالية، ويجوز أن تكون خبراً ل "الذين " إذا جعلناه مبتدأ {بين أيديهم} وحذف الجار إشارة إلى أنه ملأ تلك الجهة {و} كذا {بأيمانهم} وأما ما يلي شمائلهم فإنهم لا يلتفتون...

. {يقولون} أي مجددين لذلك دائماً لعلمهم أن الله تعالى له أن يفعل ما يشاء، لا حق لأحد عليه ولا سيما إذا رأوا انطفاء نور المنافقين...

. {ربنا} أي أيها المتفضل علينا بهذا النور وبكل خير كنا أو نكون فيه {أتمم} فأظهروا لأن المقام له. ولما كان الإنسان ربما رزق شيئاً فانتفع به غيره دونه قالوا: {لنا نورنا} أي الذي مننت به علينا حتى يكون في غاية التمام فتوصلنا به إلى المأمن في دار السلام، ولا تجعلنا كالمنافقين الذين أطفأت أنوارهم فكانت عاقبتهم إلى الظلام...

. {واغفر لنا} أي امح عنا كل نقص كان يميل بنا إلى أحوال المنافقين عينه وأثره... ولما كان ما ذكر لا يقدر عليه إلا الله تعالى، علله بقوله مؤكداً لإنكار الكفار البعث وما تفرع عنه: {إنك} أي وحدك {على كل شيء} أي يمكن دخول المشيئة فيه {قدير} أي بالغ القدرة...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية، ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات، والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى المنافقين، ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم، ويوصلهم ما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح. والمراد بها: التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها، التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجهه والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

كيف يقي المؤمنون أنفسهم وأهليهم من هذه النار؟... هذا هو الطريق.. توبة نصوح...

التوبة التي تظل تذكر القلب بعدها وتنصحه فلا يعود إلى الذنوب. فإذا كانت هذه التوبة فهي مرجوة إذن في أن يكفر الله بها السيئات. وأن يدخلهم الجنات. في اليوم الذي يخزي فيه الكفار كما هم في المشهد الذي سبق في السياق. ولا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه. وإنه لإغراء مطمع، وتكريم عظيم، أن يضم الله المؤمنين إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فيجعلهم معه صفا يتلقى الكرامة في يوم الخزي. ثم يجعل لهم نورا (يسعى بين أيديهم وبأيمانهم). نورا يعرفون به في ذلك اليوم الهائل المائج العصيب الرهيب. ونورا يهتدون به في الزحام المريج...

(يقولون: ربنا أتمم لنا نورنا، واغفر لنا، إنك على كل شيء قدير).. وإلهامهم هذا الدعاء في هذا الموقف الذي يلجم الألسنة ويسقط القلوب، هو علامة الاستجابة. فما يلهم الله المؤمنين هذا الدعاء إلا وقد جرى قدره بأنه سيستجيب. فالدعاء هنا نعمة يمن بها الله عليهم تضاف إلى منة الله بالتكريم وبالنور...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الرجاء المستفاد من فعل {عسى} مستعمل في الوعد الصادر عن المتفضل على طريقة الاستعارة وذلك التائب لا حق له في أن يعفى عنه ما اقترفه لأن العصيان قد حصل وإنما التوبة عزم على عدم العودة إلى الذنب ولكن ما لصاحبها من الندم والخوف الذي بعث على العزم دل على زكاء النفس فجعل الله جزاءه أن يمحو عنه ما سلف من الذنوب تفضلاً من الله فذلك معنى الرجاء المستفاد من {عسى}...

وفي صلة {الذين آمنوا معه} إيذان بأن سبب انتفاء الخزي عنهم هو إيمانهم...

وضمير {نورهم} عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه. وإضافة نور إلى ضمير هم مع أنه لم يسبق إخبار عنهم بنور لهم ليست إضافة تعريف إذ ليس المقصود تعريف النور وتعيينه ولكن الإِضافة مستعملة هنا في لازم معناها وهو اختصاص النور بهم في ذلك اليوم بحيث يميزه الناس من بين الأنوار يومئذٍ. وسعي النور: امتداده وانتشاره. شبه ذلك باشتداد مشي الماشي وذلك أنه يحفّ بهم حيثما انتقلوا تنويهاً بشأنهم...

{يقولون} عائد إلى جميع الذين آمنوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، أو يقول ذلك من كان نوره أقل من نور غيره ممن هو أفضل منه يومئذٍ فيكون ضمير {يقولون} على إرادة التوزيع على طوائف الذين آمنوا في ذلك اليوم. وإتمام النور إدامته أو الزيادة منه على الوجهين المذكورين آنفاً وكذلك الدعاء بطلب المغفرة لهم هو لطلب دوام المغفرة...

{إنك على كل شيء قدير} المشعر بتعليل الدعاء كناية عن رجاء إجابته لهم...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

وقوله { توبة نصوحا } هي التوبة التي تنصح صاحبها حتى لا يعود الى ما تاب منه ونصوحا معناه بالغة في النصح وقوله { لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } أي لا يفضحهم ولا يهلكهم { نورهم } على الصراط { يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا } اذا أطفىء نور المنافقين دعوا الله وسألوه أن يتم لهم النور

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله " أمر بالتوبة وهي فرض على الأعيان في كل الأحوال وكل الأزمان . وقد تقدم بيانها والقول فيها في " النساء " وغيرها{[15158]} . " توبة نصوحا " اختلفت عبارة العلماء وأرباب القلوب في التوبة النصوح على ثلاثة وعشرين قولا ، فقيل : هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، وروي عن عمر وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم . ورفعه معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : النصوح الصادقة الناصحة . وقيل الخالصة ، يقال : نصح أي أخلص له القول . وقال الحسن : النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره . وقيل : هي التي لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها . وقيل : هي التي لا يحتاج معها إلى توبة .

وقال الكلبي : التوبة النصوح الندم بالقلب ، والاستغفار باللسان ، والإقلاع عن الذنب ، والاطمئنان على أنه لا يعود . وقال سعيد بن جبير : هي التوبة المقبولة ، ولا تقبل ما لم يكن فيها ثلاثة شروط : خوف ألا تقبل ، ورجاء أن تقبل ، وإدمان الطاعات . وقال سعيد بن المسيب : توبة تنصحون بها أنفسكم . وقال القرظي : يجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، وإقلاع بالأبدان ، وإضمار ترك العود بالجنان ، ومهاجرة سيء الخلان . وقال سفيان الثوري : علامة التوبة النصوح أربعة : القِلة والعِلة والذلة والغربة . وقال الفضيل بن عياض : هو أن يكون الذنب بين عينيه ، فلا يزال كأنه ينظر إليه . ونحوه عن ابن السماك : أن تنصب الذنب الذي أقللت فيه الحياء من الله أمام عينك وتستعد لمنتظرك . وقال أبو بكر الوراق : هو أن تضيق عليك الأرض بما رحبت ، وتضيق عليك نفسك ، كالثلاثة الذين خلفوا{[15159]} . وقال أبو بكر الواسطي : هي توبة لا لفقد عوض ؛ لأن من أذنب في الدنيا لرفاهية نفسه ثم تاب طلبا لرفاهيتها في الآخرة ، فتوبته على حفظ نفسه لا لله . وقال أبو بكر الدقاق المصري : التوبة النصوح هي رد المظالم ، واستحلال الخصوم ، وإدمان الطاعات . وقال رويم : هو أن تكون لله وجها بلا قفا ، كما كنت له عند المعصية قفا بلا وجه . وقال ذو النون : علامة التوبة النصوح ثلاث : قلة الكلام ، وقلة الطعام ، وقلة المنام . وقال شقيق : هو أن يكثر صاحبها لنفسه الملامة ، ولا ينفك من الندامة ؛ لينجو من آفاتها بالسلامة . وقال سري السقطي : لا تصلح التوبة النصوح إلا بنصيحة النفس والمؤمنين ؛ لأن من صحب توبته أحب أن يكون الناس مثله . وقال الجنيد : التوبة النصوح هو أن ينسى الذنب فلا يذكره أبدا ؛ لأن من صحت توبته صار محبا لله ، ومن أحب الله نسي ما دون الله . وقال ذو الأذنين{[15160]} : هو أن يكون لصاحبها دمع مسفوح ، وقلب عن المعاصي جموح . وقال فتح الموصلي : علامتها ثلاث : مخالفة الهوى ، وكثرة البكاء ، ومكابدة الجوع والظمأ . وقال سهل بن عبدالله التستري : هي التوبة لأهل السنة والجماعة ؛ لأن المبتدع لا توبة له ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : ( حجب الله على كل صاحب بدعة أن يتوب ) . وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشر أن يتوب من الذنب ثم يعود فيه .

وأصل التوبة النصوح من الخلوص ، يقال : هذا عسل ناصح إذا خلص من الشمع . وقيل : هي مأخوذة من النصاحة وهي الخياطة . وفي أخذها منها وجهان : أحدهما : لأنها توبة قد أحكمت طاعته وأوثقتها كما يحكم الخياط الثوب بخياطته ويوثقه . والثاني : لأنها قد جمعت بينه وبين أولياء الله وألصقته بهم ، كما يجمع الخياط الثوب ويلصق بعضه ببعض . وقراءة العامة " نصوحا " بفتح النون ، على نعت التوبة ، مثل امرأة صبور ، أي توبة بالغة في النصح . وقرأ الحسن وخارجة وأبو بكر عن عاصم بالضم ، وتأويله على هذه القراءة : توبة نصح لأنفسكم . وقيل : يجوز أن يكون " نصوحا " ، جمع نصح ، وإن يكون مصدرا ، يقال : نصح نصاحة ونصوحا . وقد يتفق فعالة وفعول في المصادر ، نحو الذهاب والذهوب . وقال المبرد : أراد توبة ذات نصح ، يقال : نصحت نصحا ونصاحة ونصوحا .

في الأشياء التي يتاب منها وكيف التوبة منها . قال العلماء : الذنب الذي تكون منه التوبة لا يخلو ، إما أن يكون حقا لله أو للآدميين . فإن كان حقا لله كترك صلاة فإن التوبة لا تصح منه حتى ينضم إلى الندم قضاء ما فات منها . وهكذا إن كان ترك صوم أو تفريطا في الزكاة . وإن كان ذلك قتل نفس بغير حق فأن يمكن من القصاص إن كان عليه وكان مطلوبا به . وإن كان قذفا يوجب الحد فيبذل ظهره للجلد إن كان مطلوبا به . فإن عفي عنه كفاه الندم والعزم على ترك العود بالإخلاص . وكذلك إن عفي عنه في القتل بمال فعليه أن يؤديه إن كان واجدا له ، قال الله تعالى : " فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان{[15161]} " [ البقرة : 178 ] . وإن كان ذلك حدا من حدود الله كائنا ما كان فإنه إذا تاب إلى الله تعالى بالندم الصحيح سقط عنه . وقد نص الله تعالى على سقوط الحد عن المحاربين إذا تابوا قبل القدرة عليهم . وفي ذلك دليل على أنها لا تسقط عنهم إذا تابوا بعد القدرة عليهم ، حسب ما تقدم بيانه{[15162]} . وكذلك الشراب والسراق والزناة إذا أصلحوا وتابوا وعرف ذلك منهم ، ثم رفعوا إلى الإمام فلا ينبغي له أن يحدهم . وإن رفعوا إليه فقالوا : تبنا ، لم يتركوا ، وهم في هذه الحالة كالمحاربين إذا غلبوا . هذا مذهب الشافعي . فإن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصح التوبة منه إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه - عينا كان أو غيره - إن كان قادرا عليه ، فإن لم يكن قادرا فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه . وإن كان أضر بواحد من المسلمين وذلك الواحد لا يشعر به أو لا يدري من أين أتى ، فإنه يزيل ذلك الضرر عنه ، ثم يسأله أن يعفو عنه ويستغفر له ، فإذا عفا عنه فقد سقط الذنب عنه . وإن أرسل من يسأل ذلك له ، فعفا ذلك المظلوم عن ظالمه - عرفه بعينه أو لم يعرفه - فذلك صحيح . وإن أساء رجل إلى رجل بأن فزعه بغير حق ، أو غمه أو لطمه ، أو صفعه بغير حق ، أو ضربه بسوط فآلمه ، ثم جاءه مستعفيا نادما على ما كان منه ، عازما على ألا يعود ، فلم يزل يتذلل له حتى طابت نفسه فعفا عنه ، سقط عنه ذلك الذنب . وهكذا إن كان شانه بشتم لا حد فيه .

قوله تعالى : " عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم " " عسى " من الله واجبة . وهو معنى قوله عليه السلام : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) . و " أن " في موضع رفع اسم عسى{[15163]} .

قوله تعالى : " ويدخلكم " معطوف على " يكفر " . وقرأ ابن أبي عبلة " ويدخلكم " مجزوما عطفا على محل عسى أن يكفر . كأنه قيل : توبوا يوجب تكفير سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار . " يوم لا يخزي الله النبي " العامل في " يوم " : " يدخلكم " أو فعل مضمر . ومعنى " يخزي " هنا يعذب ، أي لا يعذبه ولا يعذب الذين آمنوا معه . " نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم " " تقدم في سورة " الحديد{[15164]} " . " يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير " قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : هذا دعاء المؤمنين حين أطفأ الله نور المنافقين ، حسب ما تقدم بيانه في سورة " الحديد{[15165]} " .


[15158]:راجع جـ 5 ص 90.
[15159]:الثلاثة الذين خلفوا هم: كعب بن مالك، مرارة بن ربيعة العامري، هلال بن أمية الواقفي. راجع جـ 8 ص 282 وجـ 2 ص 907 من سيرة ابن هشام طبع أوربا.
[15160]:ذو الأذنين: لقب أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. قيل: معناه الحض على حسن الاستماع والوعي. وقيل: إن هذا القول من جملة مزحه صلوات الله عليه وسلامه عليه.
[15161]:راجع جـ 2 ص 253.
[15162]:راجع جـ 6 ص 174.
[15163]:ما بين المربعين من ط. وبياض فيما عداها.
[15164]:راجع جـ 17 ص 243.
[15165]:راجع جـ 17 ص 245.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

ولما أفهم الأمر بالوقاية والمدح للملائكة أن المأمورين بالوقاية مقصرون قال مرشداً إلى داوء التقصير : { يا أيها الذين آمنوا } ناداهم بما هو أليق بهم من أداة البعد { توبوا } أي ارجعوا رجوعاً تاماً { إلى الله } أي الملك الذي لا كفوء له .

ولما كان كل فعول بمعنى فاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث قال : { توبة نصوحاً } أي بالغة في كونها ناصحة{[66483]} عن الإسناد المجازي أي منصوحاً فيها بالإخلاص في الأزمان الثلاثة ، الماضي بالندم ، والحال بالإقلاع . والمستقبل بالعزم على عدم العود إلى الذنب ، فلا يقع فيها رجوع كما لا يعود الحليب إلى الضرع ، فلا يؤذي أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أذى رسوله من أذاه ، قال القرطبي : النصوح مجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، والإقلاع بالأبدان ، وإضمار ترك العود بالجنان ، ومهاجرة سيىء الإخوان ، وقال رويم الراعي : هي أن تكون لله وجهاً بلا قفا كما كنت له عند المعصية قفاء بلا وجه .

ولما أمر بالتوبة عللها بما يفيد الإطماع من الإقامة بين الرجاء والخوف إعلاماً بأن هذا المقام هو المنجي لأنه اعتقاد الكمال له سبحانه وهو أن{[66484]} له أن يفعل ما يشاء في المطيع وغيره بقوله : { عسى ربكم } أي{[66485]} افعلوا ذلك ليكون المحسن إليكم بهذا البيان جديراً أو حقيقاً { أن يكفر } أي{[66486]} يغطي تغطية عظيمة { عنكم } أي بالتوبة ، وإذا كان التائب على خطر فما ظنك بالمصر {[66487]}على ذنوبه{[66488]} { سيئاتكم } أي ما{[66489]} بدا منكم ما يسوءه .

ولما ذكر نفع التوبة في دفع{[66490]} المضار ، ذكر نفعها في جلب المسار فقال : { ويدخلكم } أي{[66491]} يوم الفصل { جنات } أي بساتين كثيرة الأشجار تستر داخلها لأنها { تجري } .

ولما كان ذلك الجري في بعض أرضها قال معبراً بأداة التبعيض : { من تحتها } أي تحت غرفها وأشجارها { الأنهار } {[66492]}فهي لا{[66493]} تزال ريا .

ولما ذكر الغفران والإكرام . ذكر وقته فقال مبشراً لأهله{[66494]} معرضاً لغيرهم{[66495]} مستحمداً لأهل وده لكونه وفقهم ولم يخذلهم كأعدائه : { يوم لا يخزي الله } أي الملك الأعظم{[66496]} الذي له الإحاطة بالكمال{[66497]} { النبي } أي الرجل الذي ينبئه الله بما يوجب له الرفعة التامة من الأخبار التي هي{[66498]} في غاية العظمة { والذين } أي ولا يخزي الذين { آمنوا معه } وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم إن كان المراد{[66499]} المعية في مطلق الزمان ، وسابقوهم إن كان المراد في الوصف أو زمان مخصوص كبدر وبيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " كما رواه مسلم{[66500]} عن أم{[66501]} مبشر رضي الله عنها وأبو داود والترمذي عن جابر رضي الله عنه : " ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " " وقال تعالى : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح {[66502]}وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا }[ الحديد : 10 ] إلى قوله

{ وكلاًّ وعد الله الحسنى }[ الحديد : 10 ] ونساءه رضي الله عنهن أحق بأن يكن أول راغب في الكون معه في الإيمان ليبعدن عن النيران ، وإذا استحضرت قصص الأنبياء من سورة هود عليه الصلاة والسلام اتضح لك حسن هذا الوجه ، ويجوز أن يكون " الذين " مبتدأ خبره " نورهم " أو يكون الخبر " معه " إشارة إلى أن جميع الأنبياء وصالحي أممهم من أمته و{[66503]}تحت لوائه ، وذلك في غاية ما يكون من الشرف والرفعة له صلى الله عليه وسلم والإيمان المقيد بمعيته ، أي تأهله لمصاحبة إيمانه صلى الله عليه وسلم غير الإيمان المطلق ، فلا مانع من أن يدخل غيرهم من المؤمنين النار ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين فلا متمسك للمعتزلة بها في أن مرتكب الكبائر مخلد في النار لأنه داخل النار فهو مخزي ، فهو غير موصوف بالإيمان لأن من اتصف بالإيمان لا يخزى بدليل هذه الآية ، قال أبو حيان{[66504]} : وفي الحديث : " أنه صلى الله عليه وسلم تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه{[66505]} : إن شئت جعلت حسابهم إليك{[66506]} ، فقال : يا رب ! أنت أرحم بهم مني ، فقال تعالى : إذاً لا أخزيك فيهم " .

ولما نفى عنهم الخزي ، فسره بقوله{[66507]} مقدماً للنور لأن السياق لتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ما مضى في الحديد : { نورهم يسعى } أي سعياً {[66508]}مستمر التجدد{[66509]} ، وعلى التفسير الآخر تكون هذه الجملة حالية ، ويجوز أن تكون خبراً ل " الذين " إذا جعلناه مبتدأ { بين أيديهم } وحذف الجار{[66510]} إشارة إلى أنه ملأ تلك الجهة{[66511]} { و } كذا { بأيمانهم } وأما ما يلي شمائلهم فإنهم لا يلتفتون إليه لأنهم إما{[66512]} من السابقين وإما من أهل اليمين ، فهم يمشون فيما{[66513]} بين الجهتين ويؤتون صحائف أعمالهم منهما ، وأما أهل الشمال فيعطونها{[66514]} من وراء ظهورهم ومن شمائلهم وهم بما لهم من النور إن قالوا سمع لهم وإن شفعوا شفعوا .

ولما كانت إدامة التعبد للملك هي أشرف صفات العبد قال : { يقولون } أي مجددين لذلك دائماً لعلمهم أن الله تعالى له أن{[66515]} يفعل ما يشاء ، لا حق لأحد عليه{[66516]} ولا سيما إذا{[66517]} رأوا انطفاء نور المنافقين ، قال سهل : لا يسقط الافتقار إلى الله تعالى عن المؤمنين في الدنيا ولا في الآخرة بل هم في الآخرة أشد افتقاراً إليه وإن كانوا في دار العز{[66518]} لشوقهم إلى لقائه : { ربنا } أي أيها المتفضل علينا بهذا النور وبكل خير كنا{[66519]} أو نكون فيه { أتمم } فأظهروا لأن المقام له .

ولما كان الإنسان ربما رزق شيئاً فانتفع به غيره دونه قالوا : { لنا نورنا } أي الذي مننت به علينا حتى يكون في غاية التمام فتوصلنا به إلى المأمن في دار السلام ، ولا تجعلنا كالمنافقين الذين أطفأت أنوارهم فكانت عاقبتهم إلى الظلام .

ولما كان كل من حسن أدبه لا بد أن يعتقد في نفسه النقص ، قالوا {[66520]}على سبيل الذلة والمسكنة والتواضع{[66521]} : { واغفر لنا } أي امح عنا كل نقص كان يميل بنا إلى أحوال المنافقين عينه وأثره ، وهذا النور هو صورة أعمالهم في الدنيا لأن الآخرة تظهر فيها حقائق الأشياء وتتبع الصور معانيها ، وهو شرع الله الذي شرعه وهو الصراط الذي يضرب بين ظهراني جهنم لأن الفضائل في الدنيا متوسطة بين الرذائل ، فكل فضيلة تكتنفها رذيلتان : إفراط وتفريط ، فالفضيلة هي الصراط المستقيم ، والرذيلتان ما كان من جهنم عن يمينه وشماله ، فمن كان يمشي في الدنيا على ما أمر به سواء من غير إفراط ولا تفريط كان نوره تاماً ، ومن أمالته الشهوات طفىء نوره - {[66522]}أعاذنا الله من ذلك ورزقنا حسن الثبات ، وكان ذلك الطفىء{[66523]} في بعض الأوقات واختطفته كلاليب هي صور الشهوات فتميل به في النار بقدر ميله إليها ، والمنافق يظهر له نور إقراره بكلمة التوحيد ، فإذا مشى طفىء لأن إقراره لا حقيقة له فنوره لا حقيقة له{[66524]} .

ولما كان ما ذكر لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، علله بقوله مؤكداً لإنكار الكفار البعث وما تفرع عنه : { إنك } أي وحدك { على كل شيء } أي يمكن دخول المشيئة فيه { قدير * } أي بالغ القدرة .


[66483]:- من ظ وم، وفي الأصل: صحة.
[66484]:- زيد من ظ وم.
[66485]:- زيد من م.
[66486]:- زيد في الأصل: إن، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66487]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66488]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66489]:- زيد من ظ وم.
[66490]:- من ظ وم، وفي الأصل: رفع.
[66491]:- زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66492]:- من ظ وم، وفي الأصل: فلا.
[66493]:- من ظ وم، وفي الأصل: فلا.
[66494]:- من ظ وم، وفي الأصل: لأهلها.
[66495]:- من ظ وم، وفي الأصل: عن غيرهم.
[66496]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66497]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66498]:- زيد من ظ وم.
[66499]:- زيد من ظ وم.
[66500]:-راجع صحيحه 2/ 302-303.
[66501]:- زيد من ظ وم.
[66502]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66503]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66504]:- راجع البحر المحيط 8/ 293.
[66505]:- من م والبحر، وفي الأصل وظ: عليه.
[66506]:- من م والبحر، وفي الأصل: عليك.
[66507]:- زيد في الأصل: مفسرا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66508]:- من ظ وم، وفي الأصل: مستمرا يتجدد.
[66509]:- من ظ وم، وفي الأصل: مستمرا يتجدد.
[66510]:- من ظ وم، وفي الأصل: المبتدأ.
[66511]:- من ظ وم، وفي الأصل: الجنة.
[66512]:- زيد من ظ وم.
[66513]:- زيد من ظ وم.
[66514]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيعطون.
[66515]:- زيد من م.
[66516]:- من ظ وم، وفي الأصل: عليهم.
[66517]:- من ظ وم، وفي الأصل: لما.
[66518]:- زيد في الأصل: له، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66519]:- من ظ وم، وفي الأصل: ما.
[66520]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66521]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66522]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66523]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66524]:- زيد من م.