تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَلَوۡلَا نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرۡبَانًا ءَالِهَةَۢۖ بَلۡ ضَلُّواْ عَنۡهُمۡۚ وَذَٰلِكَ إِفۡكُهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (28)

قرباناً : متقربا بها إلى الله .

ضلّوا عنهم : غابوا عنهم .

وذلك إفكُهم : وذلك الذي حل بهم عاقبة كذبهم وافترائهم .

هنا يقول الله تعالى : لم تَنصرهم آلهتُهم وأوثانهم الذين عبدوهم من دون الله ، واتّخذوا عبادتَهم قرباناً يتقرّبون به إلى ربهم فيما زعموا ، بل غابوا عنهم وتركوهم في أحرجِ الأوقات .

{ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

وذلك الذي حلّ بهم من خِذلان آلهتهم لهم وضلالِهم عنهم هو عاقبةُ كذِبهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَا نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرۡبَانًا ءَالِهَةَۢۖ بَلۡ ضَلُّواْ عَنۡهُمۡۚ وَذَٰلِكَ إِفۡكُهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (28)

قوله تعالى : " فلولا نصرهم " " لولا " بمعنى هلا ، أي هلا نصرهم آلهتهم التي تقربوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم حيث قالوا : " هؤلاء شفعاؤنا عند الله " {[13867]} [ يونس : 18 ] ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم . قال الكسائي : القربان كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من طاعة ونسيكة ، والجمع قرابين ، كالرهبان والرهابين . وأحد مفعولي اتخذ الراجع{[13868]} إلى الذين المحذوف ، والثاني " آلهة " . و " قربانا " حال ، ولا يصح أن يكون " قربانا " مفعولا ثانيا . و " آلهة " بدل منه لفساد المعنى . قاله الزمخشري . وقرئ " قربانا " بضم الراء . " بل ضلوا عنهم " أي هلكوا عنهم . وقيل : " بل ضلوا عنهم " أي ضلت عنهم آلهتهم لأنها لم يصبها ما أصابهم ، إذ هي جماد . وقيل : " ضلوا عنهم " ، أي تركوا الأصنام وتبرؤوا منها . " وذلك إفكهم " أي والآلهة التي ضلت عنهم هي إفكهم في قولهم : إنها تقربهم إلى الله زلفى . وقراءة العامة " إفكهم " بكسر الهمزة وسكون الفاء ، أي كذبهم . والإفك : الكذب ، وكذلك الأفيكة ، والجمع الأفائك . ورجل أفاك أي كذاب . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن الزبير " وذلك أفكهم " بفتح الهمزة والفاء والكاف ، على الفعل ، أي ذلك القول صرفهم عن التوحيد . والأفك " بالفتح " مصدر قولك : أفكه يأفكه أفكا ، أي قلبه وصرفه عن الشيء . وقرأ عكرمة " أفكهم " بتشديد الفاء على التأكيد والتكثير . قال أبو حاتم : يعني قلبهم عما كانوا عليه من النعيم . وذكر المهدوي عن ابن عباس أيضا " آفكهم " بالمد وكسر الفاء ، بمعنى صارفهم . وعن عبد الله بن الزبير باختلاف عنه " آفكهم " بالمد ، فجاز أن يكون أفعلهم ، أي أصارهم إلى الإفك . وجاز أن يكون فاعلهم كخادعهم . ودليل قراءة العامة " إفكهم " قوله : " وما كانوا يفترون " أي يكذبون . وقيل " أفكهم " مثل " أفكهم " . الإفك والأفك كالحذر والحذر . قاله المهدوي .


[13867]:آية 18 سورة يونس.
[13868]:الضمير الراجع.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَا نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرۡبَانًا ءَالِهَةَۢۖ بَلۡ ضَلُّواْ عَنۡهُمۡۚ وَذَٰلِكَ إِفۡكُهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (28)

ولما كانوا قد جعلوا محط حالهم في الشركاء أنهم سبب التواصل{[59041]} بينهم والتفاوت ، وادعوا أنهم يشفعون فيهم فيقربونهم إلى الله زلفى ويمنعونهم من العذاب{[59042]} في الآخرة ، وكان أدنى الأمور التسوية بينه وبين عذاب الدنيا ، سبب عن أخباره عن إهلاك الأمم الماضية{[59043]} قوله مقدماً للعلة التي جعلها محط نظرهم منكراً عليهم موبخاً لهم : { فلولا } أي فهل لا ولم لا { نصرهم } أي هؤلاء المهلكين { الذين اتخذوا } أي اجتهدوا في صرف أنفسهم عن دواعي العقل والفطر الأولى حتى أخذوا ، وأشار إلى قلة عقولهم ببيان سفولهم فقال : { من دون الله } أي الملك الذي هو أعظم من كل عظيم { قرباناً } أي-{[59044]} لأجل القربة والتقريب العظيم يتقربون إليها ويزعمون أنها تقربهم إلى الله { آلهة } أشركوهم مع الملك الأعظم لأجل ذلك - {[59045]}قاتلهم الله وأخزاهم{[59046]} .

ولما كان التخصيص يفهم أنهم ما نصروهم ، أضرب عنه فقال : { بل ضلوا } أي غابوا {[59047]}وعموا عن الطريق الأقوم وبعدوا{[59048]} { عنهم } وقت بروك{[59049]} النقمة وقروع المثلة حساً ومعنى . ولما كان التقدير : فذلك الاتخاذ الذي أدتهم{[59050]} إليه عقولهم السافل جداً البعيد من الصواب كان الموصل إلى مآلهم هذا ، عطف عليه قوله : { وذلك } أي الضلال البعيد من السداد الذي تحصل من هذه القصة من إخلاف ما كانوا يقولون : إن أوثانهم آلهة ، وأنها تضر وتنفع وتقربهم إلى الله وتشفع لهم عنده { إفكهم } أي صرفهم الأمور عن وجهها إلى أقفائها ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى العذاب ، أي وهذا{[59051]} العذاب {[59052]}جزاؤهم في مقابلة{[59053]} إفكهم { وما كانوا } أي على وجه الدوام لكونه{[59054]} في طباعهم { يفترون * } أي يتعمدون كذبه لأن{[59055]} إصرارهم عليه بعد مجيء الآيات لا يكون إلا {[59056]}لذلك لأن من نظر{[59057]} فيها مجرداً نفسه عن الهوى اهتدى .


[59041]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: إهلاكهم.
[59042]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: التوصل.زيد في الأصل: وشاهد قولهم ليقربونا إلى الله زلفى، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59043]:سقط من ظ و م ومد.
[59044]:زيد من م ومد.
[59045]:سقط ما بين الرقيمن من ظ و م ومد.
[59046]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59047]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59048]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59049]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: نزول.
[59050]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أدت.
[59051]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ذلك.
[59052]:في ظ و م ومد: جزاء.
[59053]:في ظ و م ومد: جزاء.
[59054]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لكونهم.
[59055]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أن.
[59056]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كذلك لا من يظن.
[59057]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كذلك لا من يظن.