قوله تعالى : " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق " قراءة العامة بالياء على الخبر والتوبيخ لهم ، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . قال أبو عبيد : لذكر الأمم كأنه قال أو لم ير الأمم كيف ، وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي : " تروا " بالتاء خطابا ؛ لقوله : " وإن تكذبوا " . وقد قيل : " وإن تكذبوا " خطاب لقريش ليس من قول إبراهيم . " ثم يعيده " يعني الخلق والبعث وقيل : المعنى أو لم يروا كيف يبدئ الله الثمار فتحيا ثم تفنى ثم يعيدها أبدا وكذلك يبدأ خلق والإنسان ثم يهلكه بعد أن خلق منه ولدا وخلق من الولد ولدا وكذلك سائر الحيوان أي فإذا رأيتم قدرته على الإبداء والإيجاد فهو القادر على الإعادة " إن ذلك على الله يسير " لأنه إذا أراد أمر قال له كن فيكون .
ولما كان التقدير : ألم تروا إلى مصارعهم ؟ واتساق الحال في أمرهم ؟ فيكفيكم ذلك زاجراً ، عطف عليه للدلالة على الرجوع إليه منكراً قوله : { أو لم يروا } بالخطاب في قراءة حمزة والكسائي وفي رواية عن أبي بكر عن عاصم جرياً على النسق السابق ، وبالغيب للباقين ، إعراضاً للإيذان بالغضب { كيف يبدئ الله } أي الذي له كل كمال { الخلق } أي يجدد إبداءه في كل لحظة ، وهو بالضم من أبدأ ، وقرىء بالفتح من بدأ ، وهما معاً بمعنى الإنشاء من العدم ؛ قال القزاز : أبدأت الشيء أبدئه إبداء - إذا أنشأته ، والله المبدىء أي الذي بدأ الخلق ، يقال : بدأهم وأبدأهم ، وفي القاموس : بدأ الله الخلق : خلقهم كأبدأ . ورؤيتهم للإبداء موجودة في الحيوان للإبداء والإعادة في النبات ، ولا فرق في الإعادة بين شيء وشيء فيكون قوله - { ثم يعيده } أي يجدد إعادته في كل لمحة - معطوفاً على { يبدئ } ولو لم يكن كذلك لكان عطفه عليه من حيث إن مشاهدة حال الابتداء جعلت مشاهدة لحال الإعادة من حيث إنه لا فرق ، ولا حاجة حينئذ إلى تكلف عطفه على الجملة من أولها . ثم حقر أمره بالنسبة إلى عظيم قدرته ، فقال ذاكراً نتيجة الأمر السابق : { إن ذلك } أي الإبداء والإعادة ، وأكد لأجل إنكارهم { على الله يسير* } لأنه الجامع لكل كمال ، المنزه عن كل شائبة نقص .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.