الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (19)

ثم قال تعالى : { أو لم يروا كيف يبدي الله الخلق ثم يعيده } أي : ألم ير هؤلاء المنكرون للبعث كيف يبدئ الله خلق الإنسان من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ثم ينقله حالا بعد حال حتى أن يصير رجلا كاملا . فمن قدر على هذا فهو قادر على إعادة المخلوق بعد موته ، وذلك عليه هين لأن الإعادة عندكم أسهل من الابتداء ، إذ الابتداء كان على غير مثال والإعادة هي على مثال متقدم ، فذلك أسهل وأيسر فيما يعقلون .

وقيل : معناه : كيف يبدئ الله الثمار وأنواع النبات فتفنى بأكلها ورعيها وشدة الحر عليها ، ثم يعيدها ثانية أبدا أبدا ، وكيف يبدئ الله خلق الإنسان فيهلك ، ثم يحدث منه ولدا ، ثم يحدث للولد ولدا ، وكذلك سائر الحيوان يبدئ الله خلق الوالد ثم يعيد منه خلق الولد ، ويهلك الوالد ، وهكذا أبدا . . فاحتج الله عليهم بذلك لأنه أمر لا ينكرونه ، ويقرون به فمن قدر على ما تقرون قادر على إعادته بعد موته ، وذلك أهون عليه فيما تعقلون ، وكل هين عليه{[54428]} ، ومعنى : { يروا } : يعلموا .


[54428]:انظر في الجامع للقرطبي ـ مختصرا ـ 13/ 336.