قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ } قرأ الأخوان{[41195]} وأبو بكر{[41196]} بالخطاب{[41197]} ، على خطاب «إبراهيم » لقومه بذلك ، والباقون بالغيبة ، ردّاً على الأمم المكذبة .
قوله : «كَيْفَ يُبْدِىءُ » ، العامة على ضم الياء من «أَبْدَأَ » والزُّبَيْرِيُّ{[41198]} ، وعيسى ، وأبو عمرو بخلاف عنه يَبْدَأُ مضارع بَدَأَ . وقد صرح بماضيه هنا{[41199]} حيث قال : { كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }{[41200]} ، وقرأ الزهري : «كيف يبدأ » بألف ( صريحة{[41201]} وهو تخفيف على غير قياس ، وقياسه بين بين وهو في الشذوذ كقوله :
4027 - . . . . . . . . . . . . . *** فَارْعَيْ فَزَارَةُ لاَ هَنَاكِ المَرْتَعُ{[41202]}
المعنى : أو لم يروا كيف يخلقهم الله ابتداء نطفة ثم علقه ، ثم مضغة .
فإن قيل : متى رأى الإنسان بَدْءَ الخلق ، حتى يقال : { أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق } ؟ .
فالجواب : إن المراد بالرؤية العلم الواضح الذي كالرؤية ، والعاقل يعلم أن البدء من الله لأن الخلق الأول لا يكون من مخلوق ، وإلا لما كان الخلق الأول خلقاً أول ، فهو من الله ، هذا إن قلنا : إن المراد إتيان نفس الخلق وإن قلنا : إن المراد بالمبتدأ خلق الآدمي أولاً ، وبالإعادة خلقه ثانياً ، فنقول : العاقل لا يخفى عليه أن خالق نفسه ليس إلا قادر حكيم يصور الأولاد في الأرحام ، والخلقة من نطفة في غاية الإتقان والإحكام فذاك الذي خلق أولاً معلوم ظاهر ، فأطلق على ذلك العلم لفظ الرؤية ، وقال : { أو لم يروا } أي أو لم يعلموا علماً ظاهراً واضحاً كيف يبدأ الله الخلق وهو من غذاءٍ هو من ماءٍ وتراب يجمعه فكذلك يجمع أجزاءه من التراب وينفخ فيه روحه بل هو أسهل بالنسبة إليكم فإن من نحت حجارة حتى صارت أصناماً ثم كسرها وفرقها فإن وضعه شيئاً بجنب شيء{[41203]} في هذه النوبة أسهل ، لأن الحجارة منحوتة معلومة .
فإن قيل : علق الرؤية بالكيفية{[41204]} لا بالخلق ، ولم يقل : أو لم يروا أن الله خلق أو بدأ الخلق والكيفية غير معلومة .
فالجواب : هذا القدر من الكيفية معلوم وهو أنه خلقه ولم يك شيئاً مذكوراً ، وأنه خلقه من نطفة من غذاء هو من ماء وتراب ، وهذا القدر كاف في حصول العلم بإمكان الإعادة .
فإن{[41205]} قيل : قال : «ثم يعيده » «إن ذلك على الله يسير » أبرز اسمه مرة أخرى ولم يقل : إن ذلك عَلَيْهِ يسير كما قال : «ثم يعيده » من غير إبراز .
فالجواب : أنه مع إقامة البرهان على أنه يسير أكده بإظهار اسمه ، فإنه يوجب المعرفة أيضاً بكَوْنِ ذلك يسيراً فإن الإنسان إذا سمع لفظ «الله » وفهم معناه أنه الحَيُّ القادر بقُدْرَةٍ كاملة لا يعجزه شيء محيط بذرات كل{[41206]} جسم نافذ الإرادة يقطع بجواز الإعادة{[41207]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.