الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} (58)

قوله تعالى : " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " أي ألهتنا خير أم عيسى ؟ قال السدي . وقال : خاصموه وقالوا إن كل من عبد من دون الله في النار ، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى والملائكة وعزير ، فأنزل الله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " [ الأنبياء : 101 ] الآية . وقال قتادة : " أم هو " يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم . وفي قراءة ابن مسعود " ألهتنا خير أم هذا " . وهو يقوي قول قتادة ، فهو استفهام تقرير في أن آلهتهم خير . وقرأ الكوفيون ويعقوب " أألهتنا " بتحقيق الهمزتين ، ولين الباقون . وقد تقدم . " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " " ما ضربوه لك إلا جدلا " حال ، أي جدلين . يعني ما ضربوا لك هذا المثل إلا إرادة الجدل ؛ لأنهم علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوه من الموت " بل هم قوم خصمون " مجادلون بالباطل . وفي صحيح الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية - " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " ] .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} (58)

{ وقالوا أآلهتنا خير أم هو } يعنون بهو عيسى ، والمعنى : أنهم قالوا آلهتنا خير أم عيسى ، فإن كان عيسى يدخل النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه لأنه خير من آلهتنا ، وهذا الكلام من تمام ما قبله على ما ذكره الزمخشري في تفسير الآية التي قبله ، وأما على ما ذكر ابن عطية فهذا ابتداء معنى آخر ، وحكى الزمخشري في معنى هذه الآية قولا آخر ، وهو : أنهم لما سمعوا ذكر عيسى قالوا نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن عبدنا الملائكة وقالوا آلهتنا وهم الملائكة خير أم عيسى فمقصدهم تفضيل آلهتهم على عيسى .

وقيل : إن قولهم أم هو : يعنون به محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإنهم لما قالوا إنما يريد محمد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى قالوا أآلهتنا خير أم هو يريدون تفضيل آلهتهم على محمد ، والأظهر أن المراد { بهو } عيسى وهو قول الجمهور ويدل على ذلك تقدم ذكره .

{ ما ضربوه لك إلا جدلا } أي : ما ضربوا لك هذا المثال إلا على وجه الجدل وهو أن يقصد الإنسان أن يغلب من يناظره سواء غلبه بحق أو بباطل ، فإن ابن الزبعري وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل في قوله تعالى : { حصب جهنم } ، ولكنهم أرادوا المغالطة ، فوصفهم الله بأنهم قوم خصمون .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} (58)

قوله : { وقالوا ءآلهتنا خير أم هو } أي : أآلهتنا خير أم المسيح . فقد خاصموا النبي قائلين : إن كان كل من عبد غير الله في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة . وقيل : يريدون بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم يعني : أآلهتنا خير أم محمد ؟ وقد ذكروا ذلك لأنهم قالوا : إن محمدا يدعونا إلى عبادة نفسه ، وأباؤنا زعموا أنه يجب عبادة هذه الأصنام . وإذا كان لابد من أحد هذين الأمرين فعبادة هذه الأصنام أولى .

قوله : { ما ضربوه لك إلا جدلا } { جدلا } منصوب على الحال ، أي ما ضربوا لك هذا المثل إلا ابتغاء الجدل وبفرط جنوحهم للتخاصم { بل هم قوم خصمون } أي شديدو الخصومة واللدد .