الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

قوله تعالى : " وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم " يعني الذين عاونوا الأحزاب : قريشا وغطفان وهم بنو قريظة وقد مضى خبرهم " من صياصيهم " أي حصونهم واحدها صيصة . قال الشاعر :

فأصبحتِ الثيرانُ صرعى وأصبحت*** نساءُ تميمٍ يَبْتَدِرْنَ الصَّيَاصِيَا{[12786]}

ومنه قيل لشوكة الحائك التي بها يسوَّى السداة واللحمة : صيصة . قال ، دريد بن الصمة :

فجئتُ إليه والرِّمَاحُ تَنُوشُهُ *** كوقْعِ الصَّياصِي في النسيج المُمَدَّدِ

ومنه : صيصة الديك التي في رجله . وصياصي البقر قرونها ؛ لأنها تمتنع بها . وربما كانت ، تركب في ، الرماح مكان الأسنة ، ويقال : جذ الله صئصئه ، أي أصله " وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون " وهم الرجال . " وتأسرون فريقا " وهم النساء والذرية ، على ما تقدم .


[12786]:البيت لعبد بني الحسحاس، وقد أورده صاحب اللسان شاهدا على أن صياصي البقر قرونها، وروايته في البيت: فأصبحت الثيران غرقى وأصبحت *** نساء تميم يلتقطن الصياصيا أي يلتقطن القرون لينسجن بها، يريد لكثرة المطر غرق الوحش.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

{ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } الصياصي هي الحصون ، ونزلت الآية في يهود بني قريظة ، وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا عهده وصاروا مع قريش فلما انصرفت قريش عن المدينة حصر رسول الله بني قريظة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بأن يقتل رجالهم ويسبى نساؤهم وذريتهم .

{ فريقا تقتلون } : يعني الرجال وقتل منهم يومئذ كل من أنبت وكانوا بين ثمانمائة أو تسعمائة .

{ وتأسرون فريقا } : يعني النساء والذرية .