قوله تعالى : " تكاد السماوات " قراءة العامة هنا وفي " الشورى " {[10970]} بالتاء . وقراءة نافع ويحي والكسائي " يكاد " بالياء لتقدم الفعل . " يتفطرن منه " أي يتشققن ، وقرأ نافع وابن كثير وحفص وغيرهم بتاء بعد الياء وشد الطاء من التفطر هنا وفي " الشورى " ووافقهم حمزة وابن عامر في " الشورى " وقرأ هنا " ينفطرن " من الانفطار ، وكذلك قرأها أبو عمرو وأبو بكر والمفضل في السورتين . وهي اختيار أبي عبيد تعالى " إذا السماء انفطرت " {[10971]} [ الإنفطار :1 ] وقوله : " السماء منفطر به " {[10972]} [ المزمل :18 ] وقوله : " وتنشق الأرض " أي تتصدع " وتخر الجبال هدا " قال ابن عباس : هدما أي تسقط بصوت شديد . وفي الحديث :اللهم إني أعوذ بك من الهد والهدة . قال شمر : قال أحسد بن غياث المروزي الهدُّ الهدمُ ، والهدة الخسوف . وقال الليث : هو الهدم الشديد كحائط يهد بمرة ، يقال : هَدَّنِي الأمرُ وهد ركني أي كسرني وبلغ مني . قاله الهروي . الجوهري : وهد البناء يهدُّه هدًّا كسره وضعضعه ، وهدته المصيبة أي : أوهنت ركنه ، وانهدَّ الجبل انكسر . الأصمعي : والهَدُّ الرجل الضعيف ، يقول الرجل للرجل إذا أوعده : إني لغير هَدٍّ أي غيرُ ضعيف . وقال ابن الأعرابي : الهَدُّ من الرجال الجواد الكريم ، وأما الجبان الضعيف فهو الهِدُّ بالكسر وأنشد{[10973]} :
لَيسُوا بهِدين في الحروبِ إذا *** تُعْقَدُ فوق الحَرَاقِفِ النُّطُقُ
والهدُّة : صوت وقع الحائط ونحوه ، تقول : هد يَهِدُّ ( بالكسر ) هديدا والهادُّ صوت يسمعه أهل الساحل يأتيهم من قبل البحر له دويٌّ في الأرض ، وربما كانت منه الزلزلة ، ودَوِيُّه هديدُه . النحاس : " هدا " مصدر ؛ لأن معنى " تخر " تهد . وقال غيره : حال أي مهدودة : " أن دعوا للرحمن ولدا " " أن " في موضع نصب عند الفراء بمعنى لأن دعوا ومن أن دعوا ، فموضع " أن " نصب بسقوط الخافض ، وزعم الفراء أن الكسائي قال : هي في موضع خفض بتقدير الخافض ، وذكر ابن المبارك : حدثنا عن واصل عن عون بن عبد الله قال : قال عبد الله بن مسعود : إن الجبل ليقول للجبل : يا فلان ، هل مر بك اليوم ذاكر لله ؟ فإن قال : نعم ، سُرَّ بِهِ ، ثم قرأ عبد الله " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا " الآية قال :{[10974]} أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير ؟ ! قال : وحدثني عوف عن غالب بن عجرد{[10975]} قال : حدثني رجل من أهل الشام في مسجد مِنىً قال : إن الله تعالى لما خلق الأرض ، وخلق ما فيها من الشجر لم تك في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم ، إلا أصابوا منها منفعة وكان لهم منها منفعة ، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم تلك الكلمة العظيمة ، قولهم " اتخذ الرحمن ولدا " فلما قالوها اقشعرت الأرض وشاك الشجر . وقال ابن عباس : اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار والبحار وما فيها من الحيتان فصار من ذلك الشوك في الحيتان ، وفي الأشجار الشوك . وقال ابن عباس أيضا وكعب : فزعت السموات والأرض والجبال وجميع المخلوقات إلا الثقلين ، وكادت أن تزول ، وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم ، وشاك الشجر ، واكفهرت الأرض وجدبت حين قالوا " اتخذ الله ولدا " وقال محمد بن كعب : لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة ؛ لقوله تعالى " تكاد لسموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا " .
قال ابن العربي : وصدق فإنه قول عظيم سبق به القضاء والقدر ، ولولا الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ولا يرفعه إيمان المؤمن ، ولا يزيد هذا في ملكه كما لا ينقص ذلك من ملكه ، لما جرى شيء من هذا على الألسنة ، ولكنه القدوس الحكيم الحليم فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.