الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ قَدۡ أَنجَيۡنَٰكُم مِّنۡ عَدُوِّكُمۡ وَوَٰعَدۡنَٰكُمۡ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنَ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰ} (80)

قوله تعالى : " يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم " لما أنجاهم من فرعون قال لهم هذا ليشكروا . " وواعدناكم جانب الطور الأيمن " " جانب " نصب على المفعول الثاني " لواعدنا " ولا يحسن أن ينتصب على الظرف ؛ لأنه ظرف مكان غير مبهم . وإنما تتعدى الأفعال والمصادر إلى ظروف المكان بغير حرف جر إذا كانت مبهمة . قال مكي هذا أصل لا خلاف فيه ، وتقدير الآية . وواعدناكم إتيان جانب الطور ، ثم حذف المضاف . قال النحاس : أي أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام . وقيل : وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتي جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة ، فالوعد كان لموسى ولكن خوطبوا به ؛ لأن الوعد كان لأجلهم . وقرأ أبو عمرو " ووعدناكم " بغير ألف واختاره أبو عبيد ؛ لأن الوعد إنما هو من الله تعالى لموسى خاصة ، والمواعدة لا تكون إلا من اثنين ، وقد مضى في " البقرة " {[11138]} هذا المعنى . و " الأيمن " نصب ؛ لأنه نعت للجانب وليس للجبل يمين ولا شمال ، فإذا قيل : خذ عن يمين الجبل فمعناه خذ علي يمينك من الجبل . وكان الجبل على يمين موسى إذ أتاه . " ونزلنا عليكم المن والسلوى " أي في التيه وقد تقدم القول فيه .


[11138]:راجع جـ 1 ص 394 و ص 406.