محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ قَدۡ أَنجَيۡنَٰكُم مِّنۡ عَدُوِّكُمۡ وَوَٰعَدۡنَٰكُمۡ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنَ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰ} (80)

ثم ذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل ومننه الكبرى ، وما وصاهم من المحافظة على شكرها ، وحذرهم من التعرض لغضبه بكفرها ، بقوله سبحانه :

{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ } وهو فرعون وقومه . فقد كانوا يسومونكم سوء العذاب . يذبحون أبنائكم ويستحيون نسائكم . وذلك بأن أقر أعينكم منهم . بإغراقهم ، وأنتم تنظرون . { وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ } أي بمناجاة موسى وإنزال التوراة عليه . واليهود السامرية تزعم أن هذا الجبل في ( نابلس ) ويسمونه ( جبل الطور ) ويذكر في الجغرافيا بلفظ ( عيبال ) ولهم عيد سنوي فيه يصعدون إليه ، ويقربون فيه القرابين . والله أعلم .

قال الزمخشري : وإنما عدى المواعدة إليهم ، لأنها لابستهم واتصلت بهم ، حيث كانت لنبيهم ونقبائهم . وإليهم رجعت منافعها التي قام بهم دينهم وشرعهم ، وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه .

و { جانب } مفعول فيه ، أو مفعول به على الاتساع . أو بتقدير مضاف . أي إتيان جانب . { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى { كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } من لذائذه . فإن المن كالعسل . والسلوى من الطيور الجيد لحمها { وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ } أي فيما رزقناكم ، بأن يتعدى فيه حدود الله ، ويخالف ما أمر به { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى } أي هلك .