السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ قَدۡ أَنجَيۡنَٰكُم مِّنۡ عَدُوِّكُمۡ وَوَٰعَدۡنَٰكُمۡ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنَ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰ} (80)

ولما أنعم الله تعالى على قوم موسى عليه السلام بأنواع النعم ذكر أولادهم تلك النعم ، فناداهم بقوله تعالى : { يا بني إسرائيل } والمنادى من وجد من اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخوطبوا بما أنعم به على أجدادهم زمن موسى عليه السلام ، ولا شك أن إزالة الضرر يجب تقديمها على إيصال المنفعة ، وإيصال المنفعة الدينية أعظم من إيصال المنفعة الدنيوية ، فلهذا بدأ تعالى بإزالة الضرر بقوله : { قد أنجيناكم من عدوكم } ، فإنّ فرعون كان ينزل بهم من أنواع الظلم كثيراً من القتل والإذلال والخراج والأعمال الشاقة ، ثم ثنى بذكر المنفعة الدينية بقوله تعالى : { وواعدناكم جانب الطور الأيمن } أي : الذي على أيمانكم في توجهكم هذا الذي وجوهكم فيه إلى بيت أبيكم إبراهيم عليه السلام ، وهو جانبه الذي يلي البحر ، وناحية مكة واليمن ، ووجه المنفعة فيه أنه أنزل في ذلك القرب عليهم كتاباً فيه بيان دينهم ، وشرح شريعتهم .

ثم ثلث بذكر المنفعة الدنيوية بقوله : { ونزلنا عليكم } بعد إنزال هذا الكتاب في هذه المواعدة لإنعاش أرواحكم { المنِّ } أي : الترنجبين { والسلوى } أي : الطير السماني بتخفيف الميم والقصر .