قوله تعالى : { يا بني إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ }{[25965]} الآية .
قرأ الأخوان " قَدْ أَنْجَيْتُكُمْ " {[25966]} و " وَاعَدتُكُمْ " و " رَزَقْتُكُمْ " بتاء المتكلم . والباقون : " أنْجَيْنَاكُمْ " و " وَاعَدْنَاكُمْ " و " رَزَقْنَاكُمْ " بنون العظمة{[25967]} واتفقوا على " ونَزَّلْنَا " وتقدم خلاف أبي عمرو في{[25968]} " وَعَدْنَا " {[25969]} في البقرة{[25970]} .
وقرأ حميد " نَجَِّيْنَاكُم " بالتشديد{[25971]} . وقرئ{[25972]} " الأيْمَنِ " بالجر{[25973]} . قال الزمخشري : خفض على الجوار كقولهم : جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ{[25974]} .
وجعله أبو حيان : شاذاً ضعيفاً{[25975]} ، وخرَّجه على أنَّه نعت " الطُّورِ " .
قال : وصف به{[25976]} لما فيه من اليُمْنِ ، أو لكونه على يَمِينِ من{[25977]} يستقبل الجبل{[25978]} و " جَانِبَ " مفعول ثان على حذف مضاف ، أي إتيان جانب . ولا يجوز أن يكون المفعول الثاني محذوفاًً{[25979]} ، " وجَانِبَ " ظرف للوعد ، والتقدير : وواعدناكم التوراة في هذا المكان ، لأنه ظرف مكان مختص لا يصل إليه الفعل بنفسه{[25980]} ، وكما لو قيل : إنه تُوُسِّع في هذا الظرف فجعل مفعولاً به : أي جعل نفس الموعود{[25981]} نحو : سير عليه فرسخَان وبريدان{[25982]} . قوله : { فَيَحِلَّ } قرأ{[25983]} العامة فَيَحِل بكسر الحاء واللام من " يَحْلِلْْ " . والكسائي بضمهما{[25984]} .
وابن عيينة وافق العامة في الحاء ، والكسائي في اللام{[25985]} . فالعامة{[25986]} من حَلَّ عليه كذا ، أي : وَجَبَ ، من حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ ، أي : وجب قضاؤه{[25987]} ، ومنه قوله : { حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ }{[25988]} ، ومنه أيضاً : { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }{[25989]} .
وقرأ الكسائي من حَلَّ يَحُلُّ ، أي نزل{[25990]} ، ومنه { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ }{[25991]} والمشهور أن فاعل " يَحِلُّ " في القراءتين هو " غَضَبِي " وقال صاحب اللوامح{[25992]} : إنه مفعول به وأن الفاعل ترك لشهرته والتقدير : فيحل عليكم طُغْيَانِكُمْ غَضَبِي ، ودل على ذلك " وَلاَ تَطْغَوْا " ولا يجوز{[25993]} أن يسند إلى " غَضِبِي " فيصير في موضع رفع{[25994]} بفعله . ثم قال : وقد يحذف المفعول للدليل{[25995]} عليه وهو العذاب ونحوه{[25996]} قال شهاب الدين : فعندَه أنَّ حَلَّ متعد بنفسه ، لأنه من الإحلال كما صرح هو به{[25997]} ، وإذا كان من الإحلال تعدَّى لواحدِ ، وذلك المتعدي إليه إما " غَضَبِي " ( على أن الفاعل ){[25998]} ضمير{[25999]} عائد على الطغيان كما قدَّره ، وإما محذوفٌ والفاعل {[26000]} " غَضَبِي " ، وفي عبارته قلق{[26001]} . وقرأ طلحة " لاَ يَحِلَّنَّ عَلَيْكُمْ " بلا الناهية وكسر الحاء وفتح اللام من يحللن{[26002]} ونون التوكيد المشددة{[26003]} ، أي : لا تتعرضوا للطغيان فيحق عليكم غضبي ، وهو من باب لا أَرَينَّكَ هاهنا{[26004]} .
وقرأ زيد بن علي " وَلاَ تَطْغُوْا " بضم الغين{[26005]} من طغى يطغو كغَزَا يَغْزُو{[26006]} .
وقوله : " فَيَحِلُّ " يجوز أن يكون مجزوماً عطفاً على " لاَ تَطْغَوْا " كذا قل أبو البقاء{[26007]} . وفيه نظر ، إذ المعنى ليس على نهي الغضب أن يَحِلَّ بهم .
والثاني : أنه منصوب بإضمار ( أَنْ ) في جواب النهي ، وهو{[26008]} واضح{[26009]} .
اعلم أن الله تعالى لمَّا أنعم على قوم موسى -عليه السلام{[26010]}- بأنواع النعم ذكرهم ، ولا شك أنَّ إزالة الضرر يجب تقديمه على إيصال المنفعة ، وإيصال المنفعة الدينية أعظم من إيصال المنفعة الدنيوية ، فلهذا بدأ تعالى بإزالة الضرر بقوله : { أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } ، فإن فرعون كان يُنْزِل بهم أنواع الظلم ، والإذلال ، والأعمال الشاقة . ثم ذكر المنفعة الدينية وهي قوله : { وَوَاعَدْنَاكُمْ{[26011]} جَانِبَ الطور الأيمن } وذلك أنه أنزل عليهم في ذلك الوقت{[26012]} كتاباً فيه بيان دينهم وشريعتهم ، أو لأنهم حصل لهم شرف بسبب ذلك{[26013]} .
قال المفسرون{[26014]} : وليس للجبل يمينٌ ولا يسار بل المراد أنَّ طور سيناء عن{[26015]} يمين السالك من مصر{[26016]} إلى الشام{[26017]} . ثم ثلَّث بذكر{[26018]} المنفعة الدنيوية فقال : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.