الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (43)

" لا جرم " تقدم الكلام فيه{[13381]} ، ومعناه حقا . " أنما تدعونني إليه " " ما " بمعنى الذي " ليس له دعوة " قال الزجاج : ليس له استجابة دعوة تنفع . وقال غيره : ليس له دعوة توجب له الألوهية " في الدنيا ولا في الآخرة " وقال الكلبي : ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة . وكان فرعون أولا يدعو الناس إلى عبادة الأصنام ، ثم دعاهم إلى عبادة البقر ، فكانت تعبد ما كانت شابة ، فإذا هرمت أمر بذبحها ، ثم دعا بأخرى لتعبد ، ثم لما طال عليه الزمان قال أنا ربكم الأعلى . " وأن المسرفين هم أصحاب النار " قال قتادة وابن سيرين يعني المشركين . وقال مجاهد والشعبي : هم السفهاء والسفاكون للدماء بغير حقها . وقال عكرمة : الجبارون والمتكبرون . وقيل : هم الذي تعدوا حدود الله . وهذا جامع لما ذكر . و " أن " في المواضع في موضع نصب بإسقاط حرف الجر . وعلى ما حكاه سيبويه عن الخليل من أن " لا جرم " رد لكلام يجوز أن يكون موضع " أن " رفعا على تقدير وجب أن ما تدعونني إليه ، كأنه قال : وجب بطلان ما تدعونني إليه ، والمرد إلى الله ، وكون المسرفين هم أصحاب النار .


[13381]:راجع ج 9 ص 20 طبعة أولى أو ثانية.