فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (43)

{ لَا جَرَمَ } قد تقدم تفسير هذا في سورة هود وجرم فعل ماض بمعنى حق ، ولا الداخلة عليه لنفي ما ادعوه ، ورد ما زعموه ، وفاعل هذا الفعل هو قوله : { أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ } أي حق ووجب بطلان دعوته ، وما بمعنى الذي ؛ فكان حقها أن تكتب مفصولة من النون كما هو القاعدة ، لكنها رسمت في المصحف الإمام موصولة بالنون كما أشار له ابن الجزري { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } قال الزجاج : معناه ليس له استجابة دعوة تنفع ؛ وقيل : ليس له دعوة توجب الألوهية { فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ } وقال الكلبي ليس له شفاعة { وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ } أي مرجعنا ومصيرنا إليه بالموت أولا وبالبعث آخرا فيجازي كل أحد بما يستحقه من خير وشر .

{ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ } أي المستكثرين من معاصي الله : قال قتادة وابن سيرين : يعني المشركين ، وقال مجاهد والشعبي هم السفهاء السفاكون للدماء بغير حقها ؛ وبه قال ابن مسعود ، وقال عكرمة الجبارون المتكبرون ، وقيل : هم الذين تعدوا حدود الله ، والمعنى حق أن المسرفين { هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ } أي أهل جهنم