السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (43)

وقوله : { لا جرم } رد لما دعوه إليه وجرم فعل بمعنى حق وفاعله { أنما } أي : الذي { تدعونني إليه } من هذه الأنداد { ليس له دعوة } بوجه من الوجوه فإنه لا إدراك له هذا إن أريد ما لا يعقل وإن أريد شيء مما يعقل فلا دعوة له مقبولة بوجه فإنه لا يقوم عليها دليل بل ولا شبهة موهمة { في الدنيا } أي : التي هي محل الأسباب الظاهرة { ولا في الآخرة } أي : ليس له استجابة دعوة فيهما فسمى استجابة الدعوة دعوة إطلاقاً لاسم أحد المتضايفين على الآخر كقوله تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ( الشورى : 40 ) وكقولهم : «كما تدين تدان » ، وقيل : ليس له دعوة أي : عبادة في الدنيا لأن الأوثان لا تدعي الربوبية ولا تدعو إلى عبادتها وفي الآخرة تتبرأ من عابديها ثم قال : { وأن مردنا } أي : مرجعنا { إلى الله } أي : الذي له الإحاطة بصفات الكمال فيجازي كل أحد بما يستحقه { وأن المسرفين } أي : المجاوزين للحدود العريقين في هذا الوصف ، قال قتادة : وهم المشركون لقوله تعالى : { هم } أي : خاصة { أصحاب النار } أي : ملازموها ، وعن مجاهد : هم السفاكون للدماء بغير حلها ، وقيل : الذين غلب شرهم هم المسرفون .