محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (43)

{ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ } أي الذي تدعونني إلى عبادته ، ليس له دعوة في الدنيا لدفع الشدائد والأمراض ونحوها ، / ولا في الآخرة ، لدفع أهوالها ، على ما قاله المهايميّ . أو لا دعوة له في الدارين لعدمه بنفسه ، واستحالة وجوده فيهما ، على ما قاله القاشانيّ . وقال الشهاب : عدم الدعوة عبارة عن جماديتها وأنها غير مستحقة لذلك . وسياق { لا جرم } عند البصريّين أن يكون { لا } ردّا لما دعاه إليه قومه و { جرم } بمعنى كسب . أي وكسب دعاؤهم إليه بطلان دعوته . أي ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته . ويجوز أن يكون { لا جرم } نظير ( لا بد ) من الجرم وهو القطع . فكما أنك تقول ( لا بد لك أن تفعل ) والبد من التبديد الذي هو التفريق ، ومعناه لا مفارقة لك من فعل كذا ، فكذلك { لا جرم } معناه لا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام . بل هي باطلة أبدا . هذا ما يستفاد من ( الكشاف ) . وفي ( الصحاح ) : قال الفرّاء : { لا جرم } كلمة كانت في الأصل بمنزلة ( لا محالة ، ولا بد ) فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم ، وصارت بمنزلة ( حقا ) فلذلك يجاب عنها باللام . ألا تراهم يقولون ( لا جرم لآتينك ) وقد حقق الكلام فيها ابن هشام في ( المغنيّ ) في بحث . والجلال في ( همع الهوامع ) أثناء بحث إن والقسم ، فانظرهما . { وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ } أي في الضلالة والطغيان وسفك الدماء { هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ }