قوله : «لاَ جَرَمَ » تقدم الخلاف في «لاَ جَرَمَ » في سورة هود في قوله : { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون } [ هود : 22 ] ، وقال الزمخشري هنا : «ورُوِيَ عن بعض العرب : لا جُرْمَ أنه يفعل كذا بضم الجيم وسكون الراء بمعنى : لا بُدَّ . وَفَعَلٌ وَفُعْلٌ أخوان كَرَشَدٍ ، وَرُشْدٍ ، وعَدَمٍ ، وَعُدْمٍ »{[48254]} .
وشأنه على مذهب البصريين أن يجعل رداً على دعاه إليه قَوْمُهُ{[48255]} .
و«جَرَمَ » فَعَلٌ بمعنى حَق ، و«أَنَّ » مع ما في حيّزها فاعله ، أي وَجَبَ بُطْلانُ دَعْوَتِهِ ، أو بمعنى كَسَبَ من قوله تعالى : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام أَن تَعْتَدُواْ } [ المائدة : 2 ] أي بسبب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوته بمعنى أنه ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته{[48256]} .
ويجوز أن يقال إنّ «لاَ جَرَمَ » نظير «لاَ بُدَّ » فَعَلَ من الجَرْم وهو القطع كما أن «بُدًّا » فعل من التبديد وهو التفريق ، وكما أن معنى : لاَ بُدَّ أنكَ تَفْعَلُ كذا بمعنى لاَ بُدَّ لك من فِعْلِهِ ، فكذلك { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النار } [ النحل : 62 ] أي لاَ قَطْعَ لذلك بمعنى أنهم أبداً يستحقون ( العقاب ){[48257]} النار لا انقطاع لاسْتِحْقَاقِهِمْ ، ولا قطع لبُطْلاَن دعوة الأصنام أي لا تزال باطلةً لا ينقطع ذلك فينقلب حقًّا{[48258]} .
قال البغوي : «لاَ جَرَمَ » حقاً { أَنَّمَا تدعونني إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ } أي للدين دعوة في الآخرة قال السدي ( رحمه الله ){[48259]} لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة يعني ليست{[48260]} له استجابة دعوة ، فسمى{[48261]} استجابة الدعوة دعوة ، إطلاقًاً لاسم أحد المضافين على الآخر ، كقوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها . وقيل{[48262]} : ليستْ له دعوة أي عبادة في الدنيا ؛ لأن الأوثانَ لا تَدَّعِي الربوبية ، ولا تدعو إلى عبادتها وفي الآخرة تتبرأ من عابديها .
ثم قال : «وأَنَّ مَرَدَّنَا » أي مرجعنا «إلَى اللهِ » فيجازي كُلاًّ بما يَسْتَحِقُّهُ ، «وَأَنَّ المُسْرِفِينَ » المشركين { هُمْ أَصْحَابُ النار } . قاله قتادة . وقال مجاهد : السفاكين الدماء{[48263]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.