اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ} (34)

قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى } في جواب «إذا » أوجه :

أحدها : قوله : { فَأَمَّا مَن طغى } ، نحو : «إذا جاءك بنو تميمٍ ، فأما العاصي فأهنه ، وأمَّا الطائع فأكرمه » .

وقيل : محذوف .

فقدَّرهُ الزمخشريُّ : فإن الأمر كذلك ، أي : فإنَّ الجحيمَ مأواهُ .

وقدَّره غيرهُ : انقسم الرَّاءون قسمين .

وقيل : عاينُوا أو علموا .

وقيل : جوابها أدخل أهل النار النار ، وأهل الجنة الجنة .

وقال أبو البقاء : العامل فيها جوابها ، وهو معنى قوله تعالى : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان } .

والطَّامةُ الكبرى : الدَّاهيَة العُظمَى التي تطمّ على غيرها من الدَّواهي لعظمها ، و «الطَّمُّ » : «الدفن » ، ومنه : طمَّ السَّيلُ الرَّكية ، وفي المثل : جَرَى الوادِي فطمَّ على القُرَى .

وقيل : مأخوذٌ من قولهم : طمَّ الفرس طميماً ، إذا استفرغ جهده في الجري ، والمراد بها في القرآن : النَّفخة الثانية ؛ لأن بها يحصل ذلك .

قال ابن عباس : هي النَّفخةُ الثانية التي يكون معها البعث{[59311]} .

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أيضاً ، والضحاك : أنَّها القيامة ، سميت بذلك ؛ لأنَّها تطمُّ على كل شيء فتغمره{[59312]} .

وقال القاسمُ بنُ الوليد الهمداني : الطامةُ الكبرى حين يساق أهل الجنَّة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار{[59313]} .


[59311]:ذكره الماوردي في "تفسيره" (6/200)، عن الحسن. وذكره القرطبي (19/134)، عن ابن عباس من طريق الضحاك عنه.
[59312]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/440)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/515)، وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. وينظر تفسير الماوردي (6/200)، والقرطبي (19/134).
[59313]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/440)، عن القاسم بن الوليد وذكره السيوطي في "الدرالمنثور" (6/515)، وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.