فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ} (34)

{ فإذا جاءت الطامة } أي الداهية التي تعلو سائر الدواهي { الكبرى } أي العظمى التي تطم على سائر الطامات ، فالوصف بالكبرى تأسيس لا تأكيد فهي أكبر من داهية فرعون ، وهي قوله { أنا ربكم الأعلى } .

وهذا شروع في بيان أحوال معادهم إثر بيان أحوال معاشهم ، والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها كما ينبئ عنه لفظ المتاع ، وفي الكرخي وخص ما هنا بالطامة موافقة لما قبله من داهية فرعون ، ولذلك وصفت بالكبرى ، موافقة لقوله { فأراه الآية الكبرى } بخلاف ما في عبس فإنه لم يتقدمه شيء من ذلك فخصت بالصاخة وإن شاركت الطامة في أنها النفخة الثانية لأنها الصوت الشديد والصوت يكون بعد الطم فناسب جعل الطم للسابقة ، والصخ للاحقة انتهى .

قال الحسن وغيره : هي النفخة الثانية ، وقال الضحاك وغيره : هي القيامة سميت بذلك لأنها تطم على كل شيء لعظم هولها قال المبرد : الطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع ، وإنما أخذت فيما أحسب من قولهم طم الفرس طميما إذا استفرغ جهده في الجري ، وطم الماء إذا ملأ النهر كله . وقال غيره هو من طم السيل الركية أي دفنها ، والطم الدفن .

قال مجاهد وغيره : الطامة الكبرى هي التي تسلم أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار ، قال ابن عباس : الطامة اسم من أسماء يوم القيامة ، وجواب " إذا " قيلا هو قوله { فأما من طغى } وقيل محذوف أي فإن الأمر كذلك أو عاينوا أو علموا أو أدخل أهل النار النار ، وأهل الجنة الجنة ، وقدره بعضهم بقوله كان من عظائم الشؤون ما لم تشاهده العيون .