لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

قوله جل ذكره : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ } .

التقوى الأولى على ذكر العقوبات في الحال والفِكرِ في العملِ خَيْرِه وشَرِّه .

والتقوى الثانية تقوى المراقبة والمحاسبة ، ومَنْ لا محاسبة له في أعماله ولا مراقبة له في أحواله . . فعَنْ قريب سيفتضح .

وعلامةُ مَنْ نَظَرَ لِغدِه أن يُحْسِنَ مراعاة َ يومِه ؛ ولا يكون كذلك إلاَّ إذا فَكَّرَ فيما عَمِلَه في أمْسِه والناس في هذا على أقسام : مُفَكِّرٌ في أمْسِه : ما الذي قُسِمَ له في الأزل ؟ وآخر مفكِّر في غده : ما الذي يلقاه ؟ ؟ وثالثٌ مُسْتَقِلٌّ بوقته فيما يلزمه في هذا الوقت فهو مُصطََلَمٌ عن مشاهده موصولٌ بربِّه ، مُنْدَرَجٌ في مذكوره ؛ لا يتطلَّعْ لماضيه ولا لمستقبله ، فتوقيتُ الوقتِ يشغله عن وقته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 18 ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون 19 لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } .

يأمر الله عباده المؤمنين أن يخشوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه والعمل لما بعد الموت وهو قوله : { ولتنظر نفس ما قدمت لغد } والمراد بغد ، يوم القيامة . وقد ذكرت القيامة بغد لشدة قربها ودنو أجلها . وهذه حقيقة لا ريب فيها ، فإن الموت آت لا محالة . وإن كل ما هو آت آت . وما على الناس - وهم موقنون بهذه الحقيقة- إلا أن يتقوا ربهم بالتزام شرعه والإذعان لجلاله بالطاعة والامتثال وأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا .

قوله : { واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } كرر الأمر بالتقوى لعظيم أهميته وتأثيره ليبين لهم بعد ذلك أنه يعلم ما يفعلون أو يقولون وهو يعلم سرهم ونجواهم .