وبقية الأزواج ذكر وأنثى من الإبل ؛ وذكر وأنثى من البقر . فأيها كذلك حرم ؟ أم أجنتها هي التي حرمها الله على الناس ؟ ومن أين هذا التحريم :
( أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا ؟ ) . .
فحضرتم وشهدتم وصية الله لكم خاصة بهذا التحريم . فما ينبغي أن يكون هناك تحريم بغير أمر من الله مستيقن ، لا يرجع فيه إلى الرجم والظنون .
وبهذا يرد أمر التشريع كله إلى مصدر واحد . . وقد كانوا يزعمون أن الله هو الذي شرع هذا الذي يشرعونه . لذلك يعاجلهم بالتحذير والتهديد :
( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم . إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
إنه لا أحد أظلم ممن يفتري على الله شريعة لم يأذن بها ، ثم يقول : شريعة الله ! وهو يقصد أن يضل الناس بغير علم ، إنما هو يحيلهم إلى هدى أو ظن . . أولئك لن يهديهم الله ؛ فقد قطعوا ما بينهم وبين أسباب الهدى . وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا . . والله لا يهدي القوم الظالمين .
القول في هذه الآية في المعنى وترتيب التقسيم كالقول المتقدم في قوله { من الضأن اثنين ومن المعز اثنين } [ الأنعام : 143 ] وكأنه قال أنتم الذين تدعون أن الله حرم خصائص من هذه الأنعام ، لا يخلو تحريمه من أن يكون في { الذكرين } أو فيما { اشتملت عليه أرحام الأنثين } لكنه لم يحرم لا هذا ولا هذا فلم يبق إلا أنه لم يقع تحريم .
وقوله تعالى : { أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا } الآية استفهام على جهة التوبيخ ، إذ لم يبق لهم الادعاء المحال والتقوّل أنهم شاهدوا وصية الله لهم بهذا ، و { شهداء } جمع شهيد ، ثم تضمن قوله تعالى : { فمن أظلم } ذكر حال مفتري الكذب على الله وتقرير إفراط ظلمه ، وقال السدي : كان الذين سيبوا وبحروا يقولون : الله أمرنا بهذا ثم بيّن تعالى سوء مقصدهم بالافتراء لأنه لو افترى أحد فرية على الله لغير معنى لكان ظلماً عظيماً فكيف إذا قصد بها إضلال أمة ، وقد يحتمل أن تكون اللام في { ليضل } لام صيرورة ، ثم جزم الحكم لا رب غيره بأنه { لا يهدي القوم الظالمين } ، أي لا يرشدهم ، وهذا عموم في الظاهر وقد تبين تخصيصه مما يقتضيه الشرع أن الله يهدي ظلمة كثيرة بالتوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.