في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (37)

22

ومن ثم يعقب على هذا بخطاب إلى الرسول [ ص ] يقرر سنة الله في الهدى والضلال :

( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ) .

فليس الهدى أو الضلال بحرص الرسول على هدى القوم أو عدم حرصه ، فوظيفته البلاغ . أما الهدى أو الضلال فيمضي وفق سنة الله وهذه السنة لا تتخلف ولا تتغير عواقبها ، فمن أضله الله لأنه استحق الضلال وفق سنة الله ، فإن الله لايهديه ، لأن لله سننا تعطي نتائجها . وهكذا شاء . والله فعال لما يشاء . ( وما لهم من ناصرين )ينصرونهم من دون الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (37)

{ إن تحرص } يا محمد . { على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } من يريد ضلاله وهو المعني بمن حقت عليه الضلالة . وقرأ غير الكوفيين { لا يهدي } على البناء للمفعول وهو أبلغ . { وما لهم من ناصرين } من ينصرهم بدفع العذاب عنهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (37)

وقوله { إن تحرص } الآية ، الحرص أبلغ الإرادة في الشيء ، وهذه تسلية للنبي عليه السلام أي إن حرصك لا ينفع ، فإنها أمور محتومة ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والحسن والأعرج وأبو جعفر وشيبة ومجاهد وشبل ومزاحم الخراساني وأبو رجاء العطاردي وابن سيرين «لا يُهدَى » بضم الياء وفتح الدال{[7296]} ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «لا يهدي » بفتح الياء وكسر الدال ، وهي قراءة ابن المسيب وابن مسعود وجماعة ، وذلك على معنيين أي إن الله لا يهدي من قضى بإضلاله ، والآخر أن العرب تقول هدي الرجل بمعنى اهتدى حكاه الفراء{[7297]} وفي القرآن { لا يهدي إلا أن يهدى }{[7298]} [ يونس : 35 ] وجعله أبو علي وغيره بمعنى يهتدي ، وقرأت فرقة «إن الله لا يَهدِي » بفتح الياء وكسر الهاء والدال ، وقرأت فرقة «إن الله لا يُهدي » بضم الياء وكسر الدال ، وهي ضعيفة{[7299]} ، وفي مصحف أبي بن كعب ، «إن الله لا هادي لمن أضل » ، قال أبو علي : الراجع إلى اسم { إن } مقدر في { يضل } على كل قراءة إلا على قراءة من قرأ «يَهْدِي » بفتح الياء وكسر الدال بمعنى يهدي الله ، فإن الراجع مقدر في «يهدي » ، وقوله { وما لهم } ضمير على معنى «من » ، وتقول العرب حَرَص يحرص{[7300]} وَحَرص يحرُص والكسر في المستقبل هي لغة أهل الحجاز ، وقرأ الحسن وإبراهيم وأبو حيوة بفتح الراء ، وقرأ إبراهيم منهم ، «وإن » بزيادة الواو .


[7296]:قال الفراء في (معاني القرآن): و هو وجه جيد، لأنها في قراءة أبي: "لا هادي لمن أضل".
[7297]:الذي حكاه الفراء هو أن العرب تقول: "قد هدي الرجل" يريدون: اهتدى، ثم استشهد بالآية وهي بتشديد الدال المكسورة، ثم عاد الفراء فنقل عن الأعمش أنه قرأ: [يهدي] بفتح الياء وكسر الدال. و قال محقق "معاني القرآن" للفراء: إنه يريد قراءة حمزة، والكسائي، "بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال"، وبهذا يكون ما ذكره ابن عطية عن الفراء صحيحا إذا كان قد فهم ما يريده الفراء كما فهمه المحقق.
[7298]:من الآية (35) من سورة (يونس).
[7299]:قال أبو حيان تعقيبا على هذا : "و إذا ثبت أن "هدى" لازمة بمعنى "اهتدى" لم تكن ضعيفة، لأنه أدخل على اللازم همزة التعدية، فالمعنى: لا يجعل مهتديا من أضله".
[7300]:ضبطها محقق (اللسان) طبعة دار المعارف ـ القاهرة ـ بضم الراء، و ضبطها محقق المحتسب لابن جني بفتح الراء. أما لغة أهل الحجاز وهي الكسر فلا خلاف فيها.