في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلۡغَضَبُ أَخَذَ ٱلۡأَلۡوَاحَۖ وَفِي نُسۡخَتِهَا هُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ هُمۡ لِرَبِّهِمۡ يَرۡهَبُونَ} (154)

138

وكانت هذه وقفة للتعقيب على مصير الذين اتخذوا العجل وافتروا على الله ، تتوسط المشهد ثم يمضي السياق يكمل المشهد :

( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح ، وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون )

والتعبير القرآني يشخص الغضب ، فكأنما هو حي ، وكأنما هو مسلط على موسى ، يدفعه ويحركه . . حتى إذا( سكت )عنه ، وتركه لشأنه ! عاد موسى إلى نفسه ، فأخذ الألواح التي كان قد ألقاها بسبب دفع الغضب له وسيطرته عليه . . ثم يقرر السياق مرة أخرى أن في هذه الألواح هدى ، وأن فيها رحمة ، لمن يخشون ربهم ويرهبونه ؛ فتتفتح قلوبهم للهدى ، وينالون به الرحمة . . والهدى ذاته رحمة . فليس أشقى من القلب الضال ، الذي لا يجد النور . وليس أشقى من الروح الشارد الحائر الذي لا يجد الهدى ولا يجد اليقين . . ورهبة الله وخشيته هي التي تفتح القلوب للهدى ؛ وتوقظها من الغفلة ، وتهيئها للاستجابة والاستقامة . . إن الله خالق هذه القلوب هو الذي يقرر هذه الحقيقة . ومن أعلم بالقلوب من رب القلوب ؟

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلۡغَضَبُ أَخَذَ ٱلۡأَلۡوَاحَۖ وَفِي نُسۡخَتِهَا هُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ هُمۡ لِرَبِّهِمۡ يَرۡهَبُونَ} (154)

{ ولما سكت } سكن وقد وقرئ به . { عن موسى الغضب } باعتذار هارون ، أو بتوبتهم وفي هذا الكلام مبالغة وبلاغة من حيث إنه جعل الغضب الحامل له على ما فعل كالأمر به والمغري عليه حتى عبر عن سكونه بالسكوت . وقرئ { سكت } و " أسكت " على أن المسكت هو الله أو أخوه أو الذين تابوا . { أخذ الألواح } التي ألقاها . { وفي نسختها } وفيما نسخ فيها أي كتب ، فعلة بمعنى مفعول كالخطبة وقيل فيما نسخ منها من الألواح المنكسرة . { هدى } بيان للحق . { ورحمة } إرشاد إلى الصلاح والخير . { للذين هم لربهم يرهبون } دخلت اللام على المفعول لضعف الفعل بالتأخير ، أو حذف المفعول واللام للتعليل والتقدير يرهبون معاصي الله لربهم .