غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلۡغَضَبُ أَخَذَ ٱلۡأَلۡوَاحَۖ وَفِي نُسۡخَتِهَا هُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ هُمۡ لِرَبِّهِمۡ يَرۡهَبُونَ} (154)

142

ولما بين ما كان من موسى مع الغضب بين ما كان منه بعد الغضب فقال { ولما سكت عن موسى الغضب } قال علماء البيان : إنه خرج على قانون الاستعارة فكأن الغضب كان يغريه على ما فعل ويقول ألق الألواح وغير ذلك ، فترك النطق بذلك وقطع الإغراء . وعن عكرمة أن المعنى سكت موسى عن الغضب فقلب كما يقال : أدخلت الخف في رجل وإنما أدخل الرجل في الخف . وقيل : السكوت بمعنى السكون وقد قرئ به . { أخذ الألواح } التي ألقاها منبهاً على زوال غضبه لأنه أوكد ما تقدم من إمارات الغضب { وفي نسختها } فعلة بمعنى مفعول كالخطبة من النسخ والكتب أي في مكتوبها من اللوح المحفوظ سواء قلنا إن الألواح لم تتكسر وأخذها موسى بأعيانها بعد ما ألقاها أو قلنا إنها تكسرت وأخذ ما بقي منها ، وقيل : النسخ بمعنى الإزالة لما روي عن ابن عباس أنه لما ألقى الألواح تكسرت فصام أربعين يوماً فأعاد الله تعالى الألواح وفيها غير ما في الأولى { هدى } من الضلال { ورحمة } من العذاب { للذين هم لربهم يرهبون } أدخل اللام في المفعول لتقدمه فإن تأخير الفعل يكسبه ضعفاً ونظيره

{ للرؤيا تعبرون } [ يوسف : 43 ] وقولك : لزيد ضربت ويجوز أن يكون المراد للذين هم لأجل ربهم يرهبون لا رياء وسمعة ، وجوّز بعضهم أن تكون اللام صلة نحو ردف لكم .

/خ154