في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

وبينما أن حملة العرش ومن حوله يتجهون إلى ربهم بهذا الدعاء لإخوانهم المؤمنين . نجد الذين كفروا في الموقف الذي تتطلع كل نفس فيه إلى المعين وقد عز المعين . نجد الذين كفروا هؤلاء - وقد انبتت العلاقات بينهم وبين كل أحد وكل شيء في الوجود . وإذا هم ينادون من كل مكان بالترذيل والمقت والتأنيب . وإذا هم في موقف الذلة بعد الاستكبار . وفي موقف الرجاء ولات حين رجاء :

( إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون قالوا : ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ، فهل إلى خروج من سبيل ? ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ،

وإن يشرك به تؤمنوا ، فالحكم لله العلي الكبير ) . .

والمقت : أشد الكره . وهم ينادون من كل جانب . إن مقت الله لكم يوم كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون ، أشد من مقتكم لأنفسكم وأنتم تطلعون اليوم على ما قادتكم إليه من شر ونكر ، بكفرها وإعراضها عن دعوة الإيمان ، قبل فوات الأوان . . وما أوجع هذا التذكير وهذا التأنيب في ذلك الموقف المرهوب العصيب !

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

{ إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } المقت البغض الذي يوجبه ذنب أو عيب وهذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار فإنهم إذا دخلوها مقتوا أنفسهم أي : مقت بعضهم بعضا ويحتمل أن يمقت كل واحد منهم نفسه فتناديهم الملائكة وتقول لهم : مقت الله لكم في الدنيا على كفركم أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم فقوله : { لمقت الله } مصدر مضاف إلى الفاعل وحذف المفعول لدلالة مفعول مقتكم عليه وقوله : { إذ تدعون } ظرف العامل فيه مقت الله عاما من طريق المعنى : ويمتنع أن يعمل فيه من طريق قوانين النحو لأن مقت الله مصدر فلا يجوز أن يفصل بينه وبين بعض صلته فيحتاج أن يقدر للظرف عامل وعلى هذا أجاز بعضهم الوقف على قوله : { أنفسكم } والابتداء بالظرف وهذا ضعيف لأن المراعى المعنى وقد جعل الزمخشري مقت الله عاما في الظرف ولم يعتبر الفصل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ( 10 ) } .

المقْتُ : أشد الغضب . وهنا يبين الله حال الخاسرين في النار وما يغشاهم من التعْس والتعنيف والتوبيخ ومقت الله إياهم ، حتى إنهم أنفسهم يمقتون أنفسهم . فقد قال المفسرون : لما رأى الكافرون أعمالهم يوم القيامة ونظروا في كتاب أعمالهم وأدخلوا النار فعاينوا العذاب الشديد مقتوا أنفسهم بما أسلفوه من سوء الفعال وقبيح الأعمال .

وحينئذ ينادون وهم في النار : لَمَقْتُ الله إياكُم في الدنيا أشدُّ من مقتكم أنفسَكم اليوم . وهذه زيادة في التنكيل بالمكذبين الخاسرين وقد طرحوا في النار جزاء نكولهم عن دين الله . وقيل : معناه ، لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض .

قوله : { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ } منصوب بمقدر ، وتقديره : اذكروا حين تدعون{[4007]} وذلك تعليل لمقتهم بما قدموه من الكفر وسوء الفعال ؛ أي واذكروا حين دعائكم إلى الإيمان بالله فتجحدون وتكذبون وتأبون إلا الشرك والباطل .


[4007]:الدر المصون ج 9 ص 461