( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ، ووفيت كل نفس ما كسبت ، وهم لا يظلمون ) ؟
كيف ؟ إنه التهديد الرعيب الذي يشفق القلب المؤمن أن يتعرض له وهو يستشعر جدية هذا اليوم وجدية لقاء الله ، وجدية عدل الله ؛ ولا يتميع تصوره وشعوره مع الأماني الباطلة والمفتريات الخادعة . . وهو بعد تهديد قائم للجميع . . مشركين وملحدين ، وأهل كتاب ومدعي إسلام ، فهم سواء في أنهم لا يحققون في حياتهم الإسلام !
( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ) . . وجرى العدل الإلهي مجراه ؟ ( ووفيت كل نفس ما كسبت ) . . بلا ظلم ولا محاباة ؟ ( وهم لا يظلمون ) . . كما أنهم لا يحابون في حساب الله ؟
سؤال يلقى ويترك بلا جواب . . وقد اهتز القلب وارتجف وهو يستحضر الجواب !
قال الله تعالى متهددا لهم ومتوعدا : { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ } أي : كيف يكون حالهم وقد افتروا على الله وكذبوا رسله وقتلوا أنبياءه والعلماء من قومهم ، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، والله تعالى سائلهم عن ذلك كله ، ومحاسبهم عليه ، ومجازيهم به ؛ ولهذا قال : { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ } لا شك في وقوعه وكونه { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } .
{ فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه } استعظام لما يحيق بهم في الآخرة وتكذيب لقولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودات . روي : أن أول راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفار راية اليهود فيفضحهم الله تعالى على رؤوس الأشهاد ثم يأمر بهم إلى النار . { ووفيت كل نفس ما كسبت } جزاء ما كسبت . وفيه دليل على أن العبادة لا تحبط وأن المؤمن لا يخلد في النار ، لأن توفية إيمانه وعمله لا تكون في النار ولا قبل دخولها ، فإذن هي بعد الخلاص منها { وهم لا يظلمون } الضمير لكل نفس على المعنى لأنه في معنى كل إنسان .
ثم قال تعالى خطاباً لمحمد وأمته على جهة التوقيف والتعجيب فكيف حال هؤلاء المغترين بالأباطيل إذا حشروا يوم القيامة واضمحلت تلك الزخارف التي ادعوها في الدنيا وجوزوا بما اكتسبوه من كفرهم وأعمالهم القبيحة ؟ قال النقاش : واليوم الوقت ، وكذلك قوله : { في ستة أيام }{[3060]} إنما هي عبارة عن أوقات فإنها الأيام والليالي والصحيح في يوم القيامة أنه يوم لأن قبله ليلة وفيه شمس ، واللام في قوله تعالى : { ليوم } طالبة لمحذوف ، قال الطبري تقديره لما يحدث في يوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.